إلغاء وزارة الإعلام ليس هدفا فى حد ذاته ، وإنما يجب أن يكون وسيلة لتحقيق حرية الإعلام واستقلاله، خاصة إعلام الدولة بحيث يكون إعلاما للشعب وليس إعلاما تابعا للحكومة.
لذلك أحذر من خطورة سيناريو استبدال هيمنة وزارة الإعلام بهيمنة اتحاد الإذاعة والتليفزيون أو المجلس الأعلى للإعلام، وهذا التحذير له ما يبرره حيث ألغيت الوزارة من دون أن يقدم الرئيس وحكومته رؤية واضحة لمستقبل الإعلام، وكل ما صدر من تصريحات هو عبارة عن وعود غامضة بشأن تشكيل المجلس الأعلى للإعلام وهيئتى الصحافة والإعلام المرئى والمسموع، وهى التنظيمات التى حددها الدستور منذ ستة شهور، وتحتاج إلى قوانين تحدد تشكيل وصلاحيات كل هيئة ومصادر تمويلها وطرق عملها والأهم طريقة اختيار أعضائها، وقد أخطأ الرئيس عدلى منصور عندما لم يصدر تلك القوانين والتى كانت كفيلة بتغيير النظام الإعلامى وتنظيمه قبل تولى الرئيس السيسى، والذى عليه الآن إنجاز هذه المهمة الصعبة.
فمواد الدستور لم تحدد طبيعة العلاقة بين المجلس الأعلى للإعلام وبين هيئتى الإعلام المرئى والمسموع والصحافة، كما لم تحدد علاقة التنظيمات الثلاثة باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهل سيلغى مجلس أمناء الاتحاد والمجلس الأعلى للصحافة.. أم لا؟ والمفارقة أن إلغاء وزارة الإعلام لم يحل المشاكل المالية والإدارية والفنية التى يعانى منها الاتحاد، وأخشى أن تبقى الحكومة على اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعلى مشاكله.. وتشكل فى الوقت نفسه هيئة للإعلام المرئى والمسموع، وأخشى أيضا من انفراد الرئيس وحكومته باختيار أعضاء المجلس الأعلى للإعلام وهيئتى الصحافة والإعلام المرئى والمسموع، وبحيث تأتى أغلبية أعضاء التنظيمات الثلاثة من الإعلاميين والخبراء الموالين للسلطة، أيا كانت طبيعة وتوجهات السلطة، هؤلاء يمكن وصفهم بالدولاتيين، وهم إعلاميون تقليديون بطبعهم موالون لسلطة الدولة بشكل بيروقراطى، وبالتالى يفتقرون للخيال والقدرة على التجديد والابتكار، كما يميلون بحكم تكوينهم لرفض الآراء المعارضة، والتعدد والتنوع، واعتقد أن هؤلاء الدولاتيين هم آفة مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للصحافة وسر فشل الهيئتين بعد 30 يونيو.
أرجو ان يختار الرئيس السيسى أعضاء الهيئات الثلاث التى ستتولى تنظيم الإعلام من خارج صندوق الإعلاميين الدولاتيين، وأن يعلن عن معايير موضوعية مجردة لاختيار الأعضاء، مثل تخصيص عدد معين من الأعضاء يختارهم الأزهر والكنيسة والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للجامعات، ونقابة الصحفيين، ونقابة الإعلاميين «تحت التأسيس» ورئيس الجمهورية والمجتمع المدنى، كما أرجو أن ينص قانون تشكيل الهيئات الثلاث على قصر مدة العضوية فى الهيئات الثلاث بـ8 سنوات على الأكثر، ويجدد %25 على الأكثر من أعضاء كل هيئة كل عامين بطريقة القرعة، ويلتزم كل أعضاء الهيئات الثلاث بإنهاء علاقات العمل المنتظم أو غير المنتظم «لبعض الوقت» لوسائل الإعلام كافة، مع ضمان مصادر تمويل مستقلة لعمل الهيئات الثلاث من خلال تحديد نسبة من حصيلة الدخل على الإعلانات فى وسائل الإعلام كافة، ونسبة من حصيلة الرسوم على استهلاك الكهرباء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد زين
تحية تقدير للكاتب
تحية للكاتب علي عمق افكاره وصدق نواياه