يوم 2 يوليو 2013، لم يفهم الرئيس المعزول محمد مرسى مغزى الإنذار الحاسم الذى وجهه وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ويمهل القوى السياسية 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخى، وأنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، ورد مرسى بخطاب استفزازى طويل، تحدث فيه 35 مرة عن شرعيته، وسكب مزيد من البنزين عى نيران الثورة المشتعلة فى كل أنحاء مصر، بتقديم مبادرة هزلية لكسب مزيد من الوقت، أهم بنودها تشكيل حكومة كفاءات وتشكيل لجنة مراجعة الدستور ولجنة عليا للمصالحة الوطنية وتعجيل قانون الانتخابات النيابية واتخاذ إجراءات لتمكين الشباب فى السلطة التنفيذية ووضع ميثاق شرف إعلامى.
فى نفس الوقت كانت ميليشيات الشاطر تجهز أسلحتها وتعلن النفير العام استعدادا لمواجهة دموية شرسة، ورصدت الأجهزة الأمنية محاولات تسلل جماعية من عناصر حركة حماس لدخول سيناء والاشتراك فى أم المعارك، كما فعلوا فى 25 يناير، وأعد مكتب الإرشاد قائمة طويلة بأسماء عسكريين ورجال أمن وإعلاميين وقضاة وشخصيات عامة يتم اعتقالهم، فى حملة ترويع غير مسبوقة فى تاريخ مصر، وأصدرت التنظيمات الإخوانية الإرهابية بيانات متتالية، تدعو بالحرف الواحد إلى نصب أعواد المشانق فى الميادين العامة، استعدادا لاستقبال رؤوس العلمانيين الكفرة والصليبيين، وإطعام جثثهم النجسة للذئاب والكلاب المسعورة، وأصبح المشهد هو التمهيد لمدبحة مروعة على غرار ما تفعله داعش الآن فى العراق.
وقف الزمن يحبس أنفاسه انتظارا لما يحدث فى مصر، فإما أن تضيع إلى الأبد، وإما أن تنقذها العناية الإلهية وشعبها وجيشها، وكانت يد الله فوق أيدى الأشرار المتآمرين، وفى التاسعة مساءً 3 يوليو، وبعد انتهاء المهلة التى منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، أعلن وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى إنهاء حكم المعزول مرسى على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووقف العمل بالدستور المشبوه، وعقب البيان قام شيخ الأزهر أحمد الطيب بإلقاء بيان، عقبه بيان للبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، أعلن السيسى خارطة مستقبل، تتضمن تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، تشكيل لجنة مراجعة التعديلات الدستورية على دستور 2012، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا إقرار قانون انتخابات مجلس النواب، والبدء فى إجراءات الانتخابات. وكتب لمصر عمر جديد وعادت الابتسامة للوجوه الحزينة والقلوب الخائفة، وبدأت الدولة تسترد هيبتها وقوتها واحترامها، بينما ظلت الجماعة الإرهابية محشورة فى مقبرة الخيانة والعمالة والتفريط، ومعها بعض القوى الانتهازية ونشطاء التجسس والدولار، وفلاسفة التحاليل السوداء الذين اختفوا من الساحة، تصحبهم لعنات الناس، بعد أن كانوا نجوما زائفة يملأون الأرض والفضاء.
لماذا أتذكر هذا الشريط الآن؟.. بعد أيام تحل الذكرى الأولى لملحمة الخيانة والانتصار، فاخرجوا واحتفلوا وارقصوا وغنوا «مصر عادت شمسك الذهب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة