إسراء عبد الفتاح

صلوا عليه وسلموا تسليما

الجمعة، 27 يونيو 2014 10:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمرنا الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم أن نصلى على النبى فى قوله: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» صدق الله العظيم، وقد جاءت الأحاديث مستفيضة فى هذا، توضح فضل الصلاة على النبى، وتبين مكانة المكثر من الصلاة عليه. يفتح الله لنا أبواب رحمته، ويشرح الصدور، ويزيل الهموم، ويرفع مقام العبد.

وجميل أن نصلى على النبى وأن نذكر أهلنا وأصدقاءنا وجيراننا بالصلاة على النبى، وفضلها فى جلسات أو اجتماعات أو لقاءات بيننا فى حدود التذكرة والعلاقة الودية التى تجمعنا بهم، ولكن مؤخرا انتشرت بوسترات وأوراق للتذكرة بالصلاة على النبى «صلى الله عليه وسلم» بصيغة، هل صليت على النبى اليوم؟ ظهرت بشكل كبير ومنتشر على زجاج السيارات وبشكل أقل انتشارا على جدران الحوائط، وإنها لتذكرة جميلة فى معناها، فكم نحتاج إلى التذكرة بالأعمال الصالحة والأقوال التى تفتح أبواب الجنة، ولكن لفت نظرى أنها حملة منظمة وتنتشر باستراتيجية ممنهجة وتوحيد الصيغة وشكل الورقة ووضع علامة استفهام كبيرة، توقفت لأتساءل: هل صاحب السيارة وضعها فقط لتذكرة المارة بالصلاة على النبى، أم إنه دفع من شخص ليفعل ذلك؟ فالصيغة واحدة غالبا، وهنا الهدف يختلف، والنية لله وحده.

وما يشغلنى أنه إذا كنا نحتاج بالفعل إلى تذكرة بالصلاة على النبى «صلى الله عليه وسلم»، فنحن نحتاج إلى تذكرة بأعمال كثيرة تقربنا من المولى عز وجل، وتجعل منا مجتمعا صالحا، فمع حلاوة وإيمان ونقاء الصلاة على النبى «صلى الله عليه وسلم»، نحتاج أن يكون نفس اللسان الذى يصلى على النبى، هو الذى يقرأ الملصق ولا يسب ولا يقذف السائق الذى إلى جواره إذا تجاوز فى القيادة بقصد أو بدون قصد، نحتاج أن يتوقف اللسان الذى يصلى على النبى «صلى الله عليه وسلم» من الملصق عن التحرش اللفظى وطبعا التحرش الفعلى، فالله سبحانه وتعالى مدح النبى الكريم «صلى الله عليه وسلم»، وقال: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» صدق الله العظيم، وقد قال الشيخ الغزالى «الإكراه على الفضيلة لا يصنع الإنسان الفاضل، كما أن الإكراه على الإيمان لا يصنع الإنسان المؤمن، فالحرية هى أساس الفضيلة».

وبغض النظر عن كل التحليلات التى تبناها الخبراء المذيعون وضيوفهم الخبراء أيضاً، ومنها أنها لاستثارة حفيظة الداخلية وجر قدمها لنزع هذه البوسترات ثم الإعلان للرأى العام أن هذا النظام علمانى ويحارب الدين، أو أن هذه البوسترات طائفية ورسالات موجهة، وقد تكون اتجاها لنزول أحزاب دينية للانتخابات البرلمانية، وأيا كانت هذه التحليلات والاستنتاجات تحمل قليلا أو كثيرا من الصدق ممزوجا بقليل أو كثير من الأفورة، إلا أننا كان باستطاعتنا أن نتعامل مع الموضوع بحكمة أكثر سواء من الجانب الإعلامى الذى هاجم دون تعقل، أو من الجانب الأمنى الذى منع وشدد دون استفادة من تجارب الماضى فى مثل هذه الحملات، وكأننا نعلنها مدوية «لقد وقعنا فى الفخ» فأعتقد أن أصحاب الحملة هم أكثر المستفيدين من تصرفات الداخلية تجاه الملصق.

وظهرت الداخلية وكأنها تعادى «الصلاة على النبى» والعياذ بالله، برغم أنه كان بوسعها أن تبين بهدوء وحكمة ومنطق أن القانون يمنع وضع أى ملصقات على السيارات وتعمم التطبيق على جميع الملصقات دون الإشارة مطلقا لهذا الملصق بالتحديد، بدلا من الرسالة السيئة التى أوصلتها بأنها تستهدف هذا الملصق بذاته، مما أدى إلى انتشار حملة سخرية واستهزاء واسعة النطاق على مواقع السوشيال ميديا ونقلتها بعض قنوات الإعلام التقليدى، مما أعلنته الداخلية ومما تفعله فى الشوارع تجاه هذا الملصق بالتحديد.

وكأن كتب علينا الغباء الممنهج من حين لآخر من مؤسسات الدولة فى التعامل مع مثل هذه القضايا وقضايا أخرى شبيهة، وكأننا أقسمنا بألا نتعلم من الماضى ونكرر نفس أخطائه، وللأسف الشديد إذا استمرت أى من مؤسسات الدولة بتكرار نفس أخطاء الماضى، فعليها ألا تتوقع نتائج مختلفة عن نتائج الماضى، لأنه سيكون غباء مضاعفا، وطبيعة المرحلة تحتم علينا أن هناك الكثيرين داخليا وخارجيا يحفر لنا الفخ، ونحن بمنتهى السذاجة نقع فيه، ويجب علينا أن ندرك ذلك قبل فوات الآوان، وعلينا أيضا أن نفهم طبيعة المصريين وعقليتهم، وكيف يفكرون وأن نتعامل مع ذلك بمنتهى الحكمة والفطنة، وأن نعلم جيدا أن الإنجاز الحقيقى الملموس والفعال لمثل هذه الثورات التى مرت بها مصر هو كسر حاجز الخوف لدى المصريين.

اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك، وأخلاق رسولك واجعل اللهم حبك وحب رسولك أحب إلينا من المال والأهل والولد، وارزقنا مرافقته فى الجنان تفضلاً منك وإحساناً.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة