كل سنة وأنت طيب، فشهر رمضان الكريم سيهل علينا الأحد بإذن الله، وسينفق المصريون نهارهم فى العمل والصيام وتلاوة ما تيسر من ذكر الله الحكيم طلبًا للمغفرة والرحمة وإصلاح الأحوال، أما بعد الإفطار، فالأغلب أن الشاشة الصغيرة - بعد أن نؤدى صلاة التراويح - سوف تستحوذ على اهتمام الملايين بما تقدمه من وجبة دسمة مكونة من عشرات المسلسلات الطازجة، والبرامج الحارة، ولأن الناس ضجرت من السياسة وسنينها، فالمتوقع أن يلوذ المصريون بالمسلسلات هربًا من واقع عنيد ومشاكس!
أبرز نجوم الماضى والحاضر سوف يحتلون الفضائيات فى هذا الشهر الفضيل، بحيث تصبح ليالى رمضان واحة للبهجة والمتعة والتأمل، لأن الفنون الجادة والجميلة تمنح الناس المسرة والطرب!
السؤال.. كيف كان المصريون يقضون أيامهم فى شهر رمضان قبل أن يعرفوا التلفزيون ويبتكروا المسلسلات؟ هل كانوا يكتفون بالصيام والصلاة فقط؟ ألم يخترعوا وسائل للترويح عن النفس؟ أم اقتنعوا بالجلوس على المقاهى لتمضية الليل فى لعب الطاولة والدومينو؟
أتحدث هنا عن أحوال المصريين فى النصف الأول من القرن العشرين، ففى هذا الزمن كان الناس أدركوا الطريق المشرق إلى دنيا السينما، إذ وجدوا فيها ساحة للترفيه، وواحة للمتعة، ولك أن تعرف أن عدد الذين شاهدوا فيلم عبدالوهاب «الوردة البيضاء» على سبيل المثال، والذى عرض للمرة الأولى فى 4 ديسمبر 1933 قد تجاوز مليون إنسان، وهو رقم كبير، خاصة إذا علمت أن المصريين لم يتجاوز عددهم فى تلك السنة 15 مليون نسمة فقط!
مع أول أيام الشهر المبارك سأكتب حلقات يومية عن علاقة الشهر الفضيل بالسينما، من خلال استعراض أحوال السينما المصرية فى ثلاثين سنة بدءًا من عام 1940، وحتى سنة 1970، وكيف كان الناس يستقبلون رمضان فى تلك الأعوام، وهل كانوا يرتادون السينما فى هذا الشهر الكريم؟ علمًا بأن فى يوم 4 رمضان من سنة 1940 عرض فيلم «دنانير» للمرة الأولى، أى أن الناس ذهبت لمشاهدة أم كلثوم فى ليالى رمضان!
دعنا نفهم أنفسنا أكثر مع رمضان والسينما، وكل سنة وأنت طيب.