الحضور المشرق للرئيس عبد الفتاح السيسى فى أفريقيا أعاد إلى ذاكرتى حكايتين عن عمق علاقة مصر بهذه القارة السمراء فى زمن مضى، وكيف تم التفريط فى مزايا هذه العلاقة على أيدى مبارك ومرسى!
الحكاية الأولى.. سردها لى الروائى الكبير الأستاذ بهاء طاهر – رعى الله أيامه ولياليه – إذ قال إنهم كانوا ينتقلون – وفد الأمم المتحدة – من دولة أفريقية إلى دولة أخرى بالسيارة فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى، حيث كان يعمل مترجما بالأمم المتحدة، وقد مروّا فى طريقهم بمنطقة صحراوية شبه جرداء، وفى قلبها لمحوا «كشك» من الصفيح يبيع السجائر والمشروبات. توقف الأستاذ بهاء ونزل من السيارة ليبتاع علبة سجائر، فإذا به يجد صورة كبيرة لجمال عبد الناصر معلقة على جدار الكشك، فسأل البائع عمن يكون صاحب هذه الصورة؟ استنكر الرجل الأفريقى سؤال الأستاذ بهاء وقال له بفخر: (حقا ألا تعرفه.. إنه عبدالناصر أبو أفريقيا)!
أما الحكاية الثانية فقد وقعت فى مكتبى بمجلة دبى الثقافية فى دبى عام 2005، إذ طلب مقابلتى رجل أفريقى اسمه «آدم تننتاو» – 52 عامًا – عرف نفسه بأنه من جمهورية مالى، وأنه يتقن العربية إلى حد كبير، وقد تعلم فى الجزائر على يد مدرسين مصريين من المرحلة الإعدادية حتى انتهاء الدراسة الجامعية.
تحدثت معه عن بلده وما يعرفه عن مصر، وكم كانت المفاجأة مدهشة حين وجدته يمتدح جمال عبدالناصر بقوة لأنه اهتم بمالى وأن اسم الزعيم مرتبط بأحد أكبر ميادين العاصمة، ثم أفاض فى الحديث عن نجومنا أم كلثوم وعبدالحليم، وحين طلبت منه أن يشاهد التليفزيون الموجود فى مكتبى ويخبرنى عن أسماء الممثلين الذين يراهم على الشاشة، وكنت قد بحثت فى القنوات عن فيلم أبيض وأسود، فإذا به يعرف فاتن حمامة وشادية وعماد حمدى.
وبنبرة تقطر أسى.. قال لى آدم: «لماذا نسيتونا؟.. إن مصر هى القوة الكبرى التى تقف ضد نهب شعوبنا من قبل أوروبا وحكامنا الخائنين».
هذه هى مصر فى عيون شعوب أفريقيا.. أرأيت حجم الجريمة التى ارتكبتها أنظمتنا السابقة؟