على رأس كل قرية مصرية تجد من يتفاخرون بأسماء من خرجوا من تلك القرية، وأصبحوا نجومًا ومشاهير وأثرياء، ويحلم البسطاء فى تلك القرى باليوم الذى يجد الواحد فيهم ابنه فى مثل تلك المكانة، لكن كيف والفقر عنوان الحياة فى القرية، والصحة آخر ما تفكر فيه، والتعليم لا يصلح إلا لتقليل عدد سنوات التجنيد.
وترتبط تبرعات كثير من رجال الأعمال لصناديق دعم الاقتصاد، بمدى اقتناعهم بالنظام السياسى ويدفعون له مقدمًا خطاب حسن نوايا وانتماء ووطنية، بعضهم يراهن أيضًا أن الدولة قد لا تحسن استغلال تلك التبرعات وتستنزفها فى زيادة أجور أو الركض وراء ديون متلاحقة، لكن هذا لا يعنيه فهو دفع المبلغ ويريد فقط أن يتركوه فى حاله، أقول هذا وأنا أرى كم الفرح الذى يعم قرانا الفقيرة، حينما يقرر أحد أبنائها أن يرد الجميل للأرض التى ربما قد يكون استفاد منها أو رأى يومًا حلوًا فيها، ويدفعه ضميره لمحاولة تقليل الأيام السيئة أمام الأجيال القادمة.
لولا الخوف من الشبهة لذكرت أسماء رجال أعمال وأثرياء لا تخفى إسهاماتهم فى قراهم وبلداتهم، وسعيهم لانتشالها من أوضاعها المزرية، بعضهم بدأ بتمويل إنشاء مدارس، وآخر تولى تجهيز الوحدات الصحية، وثالث يمنح أهل منطقته الأولوية فى العمل بمصانعه، وعلى النقيض أيضًا هناك من يتذكرون بالكاد أسماء بلداتهم ولا يعرفون لا تزال على الخريطة أم لا؟.
الأفضل إذن ألا يستسلم رجال الأعمال لرغبتهم فى كسب ود النظام بالتبرعات، ويتجاهلون مصارف أخرى للخير أسرع نتيجة وأعمق تأثيرًا، ماذا لو تولى كل واحد قريته وأصلح فيها ما استطاع حسب الأولويات، على الحكومة أيضًا إزالة التعقيدات الإدارية التى تجعل الناس مترددين فى فعل الخير، بل عليها أن تحفزهم، كأن تطلق اسم هذا المتبرع على شارع أو مدرسة، ادعموا هؤلاء الناس ليحملوا عنكم جزءًا من مهامكم وامنحوهم الفرصة ليردوا المعروف إلى أصحابه.