فى طلته الأولى سيرتدى ثوب الإعلان عن بداية الدولة القوية، وملامح مستقبل الوطن السعيد تحت رعاية سنوات حكمه، سيقول إنه يريد بناء دولة قوية واقتصاد ناهض وأرض ذات سيادة وشعب صاحب كرامة، وسنقول: آمين، لأننا لا نريد سوى ذلك.
حسنا.. فلتسمعوا له، ولا تتركوه يسترسل عن الوطن الذى هو حضن، وعن الحب الذى هو مشروع قومى، أخبروه أن إعلانا شهيرا ظهر فى منتصف التسعينيات يطارد بصوته المصريين قبل المسلسل وبعد نشرة أخبار التاسعة قائلا: (جرافييينا.. انسف حمامك القديم) علم المصريون أن التطهير يأتى قبل البناء، التخلص من فساد الماضى شرط الحصول على مستقبل نظيف.. فهل يملك عبدالفتاح السيسى قدرة «جرافيينا»؟
• • •
قال السيسى وقت إعلانه الترشح إن حملته الانتخابية غير تقليدية، يخاطب الجماهير عبر الكونفرانس، وتأتى إليه الوفود ولا يذهب هو إليها كما تجرى العادة الانتخابية، وارتضى الناس ذلك تقديرا للوضع الأمنى ولشخص المشير قبل كل شىء.
إعلانات البيتزا الشهيرة علمتنا مع بداية الألفية الجديدة أن الحياة تسير دوما من منطلق «واحدة عليك وواحدة على»، وهنا يأتى دور الرئيس السيسى فى رد الجميل ومنح الجماهير بداية غير تقليدية، بداية تطهيرية، خطابا يتخلص من حشو البدايات والآمال والوعود، وتتلبسه روح البداية على نظافة، روح إعلان جرافيينا.. انسف نظامك القديم، ودع الناس تشاهد وجوه الوطنى التى تدعى قربك تتطاير بعيدا، ودع الشباب يرون أن إطلالة بعض أساليب وروائح نظام مبارك حولك وحول حملتك الانتخابية لم تكن سوى هوامش بقلم رصاص ستمسحها بأستيكة.
انسف.. نظامك القديم، تخلص من وجوه الحزب الوطنى، ومن كل الوجوه الإعلامية الفاشية التى تحرضك على الخصوم والمعارضين، والتى تلونت فى كل عصر بلون قائده، وانسف كل هذه الرقاب التى تعود إلى الظهور ظنا منها أن نظامها القديم يعود، اقطع شك صلتك بنظام مبارك بيقين العمل على تطهير مصر من نظام مبارك، ذلك مبتغانا ومبتغى ثورة وصفتها أنت فى لقاءاتك مع الشباب بعد 25 يناير بالعظيمة.
• • •
فى برامج الطب والصحة ينصح دوما الأطباء بتطهير الجروح، ويرددون حقيقة علمية تقول إن التئام الجرح دون نظافة جريمة طبية، وإعادة لملمة أشلاء وجروح هذا الوطن دون تطهيرها من بقايا دولة مبارك جريمة سياسية.
بقايا دولة مبارك ليست مجرد وجوه معروفة الأسماء عادت لتتكلم هنا أو تكتب هناك، بل هى أسلوب حياة يسيطر على عدد كبير من كبار المسؤولين الحاليين فى الدولة، وهؤلاء الذين يعتمدون مبارك منهجا وأسلوب حياة أخطر بكثير من أولئك الذين نعرف فسادهم بالصوت والصورة.
على رأس المجلس القومى للمرأة تجلس السيدة ميرفت التلاوى، وهى نموذج لهؤلاء الذين يعتمدون نظام مبارك السياسى أسلوب حياة، ونظام مبارك يمكن معتنقه من التجارة بكل شىء حتى الوطن، ومن استخدام كل الشعارات مثل الحفاظ على الأمن القومى والكرامة الوطنية لتخويف الناس واتهامهم فى شرفهم ووطنيتهم.
التلاوى وقفت داخل دار الأوبرا فى احتفالية بمشاركة المرأة السياسية وصاحت فى وجه أعضاء وفد الاتحاد الأوروبى أمام الميكروفون على طريقة أحمد سعيد فى صوت العرب خلال زمن النكسة: (لا نقبل تقاريركم تراجعوا واخرجوا، أنتم مطرودون من الشرق الأوسط)، وهلل الحضور من خلفها قائلين: «الله أكبر.. الله أكبر».
هذه هى الدولة التى نريد التخلص منها يا سيادة المشير، دولة المتاجرة بمشاعر البسطاء الوطنية، دولة الجعجعة ومعارك نساء المصاطب بحثا عن الشهرة، هذه الدولة التى لا نريدها، لا نريد من كبار مسؤوليها أن يتصرفوا على طريقة الدجالين، وتطوع رئيس مجلسها القومى بطرد ضيوف مصر الرسميين لمجرد أنها غير راضية عن سطر أو اثنين أو حتى ثلاثة فى تقاريرهم.
«الجعجعة» والحركات الدرامية لم ولن تكون أبدا مرادفا للوطنية أو الغيرة على مصر نحن فى حاجة إلى إدارة واعية، ترد بالحجة والبرهان، لا على طريقة «خدوهم بالصوت»، دولة مبارك التى تحيط بك يا سيادة المشير لا تملك شيئا تقدمه سوى هذا المعنى، معنى «تعبئة الهواء فى قزايز» وأنت قلت من قبل ووعدت بأن العمل هو منهجك، وأول هذا العمل أن تنسف.. انسف دولة مبارك وتخلص من بقاياها تخلو لك النفوس من سوء الظن.
محمد الدسوقى رشدى
سيادة المشير.. «انسف دولة مبارك تخلو لك النفوس من سوء الظن»
الأربعاء، 04 يونيو 2014 10:01 ص