شكلت وزيرة الإعلام لجنة لمتابعة وتقييم الأداء الإعلامى والإعلانى للانتخابات، وبهذا المعنى فهى لجنة حكومية ليس لها للأسف صلاحيات سوى رفع تقارير وتوصيات للرأى العام ولوزارة الإعلام، فهى لا تملك حق توقيع غرامات على القنوات المتحيزة أو غير المهنية، لكن أعرف أن معظم أعضاء اللجنة مستقلون فكريا وسياسيا، لذلك عملوا بعيدا عن أى توجهات حكومية ونجحوا فى إصدار تقرير محترم لأداء الإعلام أثناء الانتخابات الرئاسية، رصدوا فيه أخطاء وتجاوزات عدد من القنوات الخاصة وبعض البرامج التى اتخذ مقدموها مواقف ضد أحد المرشحين، فى سلوك غير مهنى وغير أخلاقى لأنه لا يحترم عقل المشاهد وحقه فى معرفة الحقائق وعدم خلط الخبر بالرأى. اشتغلت اللجنة بمنهجية علمية منضبطة واستنادا إلى عينات ممثلة للبرامج والإعلانات الانتخابية، كما حددت إجرائيا المقصود بالإعلانات الانتخابية، والتغطية الترويجية، والتحيز وعدم التوازن وغيرها من المفاهيم والممارسات الإعلامية، والأهم أنها جمعت بين التحليل الكمى والكيفى لمضامين وأشكال البرامج، من هنا كانت واثقة فى النتائج التى توصلت لها وقادرة على إعلانها دون خوف من هجوم بعض مقدمى القنوات الخاصة، الذين ذكرتهم اللجنة بالاسم، واعتبرت ما قدموه نماذج لعدم التوازن والتحيز ضد أحد المرشحين، وانتقدت اللجنة عدم احترام بعض البرامج للصمت الانتخابى والتحايل عليه، والضغط على لجنة الانتخابات ونشر استطلاعات للرأى العام تفتقر إلى الدقة والإجراءات المنهجية وقواعد النشر الإعلامى وتتحيز لصالح أحد المرشحين.
وأقرت اللجنة بحقيقية أن الإعلام الرسمى «الحكومى» كان أكثر توازنا ومهنية من الإعلام الخاص فى تغطية السباق الرئاسى، وهذه النتيجة سبق أن رصدتها فى مقالى السابق بناء على ملاحظات عابرة، حيث بدا الإعلام الرسمى خائفا من تهمة التبعية للسلطة والسعى لنفاق المرشح الأوفر حظا فى النجاح، لذلك كان الإعلام الرسمى حريصا لدرجة الخوف أحيانا من إثبات التهمة عليه، وأعتقد أن القائمين على الإعلام الرسمى كانوا من الذكاء والحنكة، بحيث تركوا التحيز واللامهنية للإعلام الخاص الذى مارس التحيز بشكل فج ومباشر لمرشح واحد قبل بدء السباق الرئاسى بشهور! وثمة ملاحظة كان من المهم أن تلتفت إليها لجنة متابعة الأداء الإعلامى للانتخابات، وهى أن فترة الدعاية الانتخابية من 3 إلى 28 مايو غير كافية للحكم أو تقييم أداء الإعلام، فالتحيز واللامهنية والتسييس أصبحت أمراضا مستوطنة فى إعلامنا الخاص والعام سبقت فترة الدعاية الانتخابية، وما حدث أثناء الانتخابات هو تحصيل حاصل لما طرأ على إعلامنا منذ 25 يناير وحتى اليوم، وأتوقع استمرار هذه الأمراض وانتشارها أثناء الانتخابات البرلمانية، ولذلك أرجو من الرئيس السيسى أن يبادر بسرعة إلى تفعيل مواد الدستور، الخاصة بإعادة هيكلة الإعلام المصرى وإصدار القوانين اللازمة لتشكيل نقابة للإعلاميين ومجلس وطنى للإعلام وهيئتين للإعلام المرئى والمسموع وهيئة الصحافة، بحيث تعمل هذه الهيئات الثلاث لضبط الممارسات الإعلامية وضمان شفافية التمويل والإدارة والإعلان واحترام حقوق الجمهور الاتصالية ووضع مواثيق شرف إعلامى ولائحة من العقوبات ضد وسائل الإعلام المتحيزة وغير المهنية التى تنتهك مواثيق الشرف الإعلامى، وأقترح أن تشمل هذه العقوبات توقيع غرامات مالية على القنوات التى ترتكب مخالفات مهنية والتحقيق مع الإعلاميين المخالفين وتوقيع عقوبات عليهم قد تصل إلى سحب تراخيص ممارسة المهنة، المهم ألا تقيد هذه العقوبات حرية الإعلام أو تلجأ للحبس أو مصادرة الوسيلة الإعلامية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد بلال المحامى
أحنا فى أيه و أنت بتكتب فى أيه !! حس بنبض المصريين يا أستاذ
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد بلال المحامى
أحنا فى أيه و أنت بتكتب فى أيه !! حس بنبض المصريين يا أستاذ