لا أدرى لماذا تخيلت أن ما تحقق فى انتخابات الرئاسة من تنظيم وتأمين واستجابة عالية من المواطنين، يمكن أن نبنى عليه، وأن يصير منهجًا لنا جميعًا، مسؤولين أو مواطنين.
التنظيم والتأمين فى انتخابات الرئاسة كانا على أعلى مستوى، لدرجة أن الناس لم تشعر بحرارة الجو، ولم تعانِ من ارتباك اللجان عند الزحام، كل واحد كان لا يستغرق سوى لحظات ليدلى بصوته، ثم ينصرف إلى عمله أو بيته فى سلاسة. كما أبدى المواطنون أعلى درجات النظام والالتزام فى تصرف حضارى فرحنا به وتمنينا استمراره، فلماذا لم يستمر فى أول اختبار بعد الانتخابات، وأعنى امتحانات الثانوية العامة؟
بالنسبة لإجراءات التأمين والتنظيم، وهى ليست مسؤولية الأجهزة الأمنية فقط فى حالة الثانوية العامة، لكنها أيضًا مسؤولية الوزارة، وقد رأينا كيف تم تسريب امتحانات اللغة العربية على «تويتر»، وتسريب امتحان مادة التفاضل والتكامل فى الثانوية الأزهرية، ورأينا ارتباكًا داخل وزارة التعليم، بعد إعلان أخبار التسريب. وتسرعوا بالنفى ثم أعلنوا عن التحقيق فى الواقعة ومحاسبة المقصرين، كما رأينا حالات عديدة لتأخر الملاحظين فى عدد من اللجان، وكذلك ارتباك إجراءات الفحص والتفتيش على أدوات الغش وأجهزة الموبايل، الأمر الذى نتج عنه تسريب الامتحان، وإلغاء امتحان التفاضل.
فى المقابل، رأينا حالات عديدة من الانفلات، وعدم الانضباط لدى المواطنين، طلاب يصلون متأخرين، وآخرون يرتدون ملابس النوم ويذهبون فى آخر لحظة، وتجمع أهالى أمام مدارس بالمحافظات بالميكروفونات، وتسرب الموبايلات داخل اللجان، إجمالاً لم تكن النتائج على مستوى التوقعات من المسؤولين والأهالى والطلاب معًا.
هذه العشوائية وعدم المسؤولية فى التعامل مع الأحداث الكبرى يهددان مسيرتنا التى نرجوها لإصلاح جميع أوجه القصور لدينا، فمع فوضى امتحانات الثانوية، ستظل هذه الامتحانات «بعبع» للطلاب والأهالى، وستظل «مافيا» الدروس الخصوصية جاثمة على أنفاسنا، وستظل إجراءات السيطرة والتأمين على الامتحانات دون المستوى.
المراجعة واجبة وفورية، والالتزام مسؤوليتنا جميعًا، كل فى موقعه، المسؤول والطالب والأسرة والمعلمون، وعمليات وزارة التعليم، آملين أن تكون لوغاريتمات اللغة العربية والتفاضل آخر الأعراض السلبية لامتحانات الثانوية العامة!