تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حفل رسمى، وبحضور رؤساء وزعماء وملوك من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، وممثلين عن رؤساء الدول الكبرى مساء اليوم بقصر القبة، له معان سياسية عديدة، أولها بداية تعافى الدولة المصرية، والمُضى قُدمًا فى بناء المؤسسات السياسية على أسس ديمقراطية سليمة على مرأى ومسمع من العالم، سواء من يحضر أو من يشاهد التنصيب الرسمى للرئيس المنتخب. الأمر الثانى هو التأكيد على أن ما جرى فى 30 يونيو هو إرادة شعبية حقيقية فى التغيير، وإصلاح مسار 25 يناير بخارطة طريق للمستقبل، وأن زمن الإخوان ولّى بلا رجعة، وأن تلبية الدعوة المصرية من دول العالم لا تعنى سوى الإقرار بذلك، والاعتراف بالواقع السياسى الجديد فى مصر.
الأمر الثالث فى معنى التنصيب الرئاسى هو رسالة الإجماع الوطنى داخل مصر حول الرئيس من جميع فئات المجتمع والقوى السياسية والوطنية، والرموز الدينية الحاضرة فى الحفل، فى وجود الوفود الدولية والإقليمية فى هذا التقليد السياسى الجديد منذ التحول إلى النظام الجمهورى بعد قيام ثورة يوليو، وفى حضور رئيس سابق - لأول مرة فى تاريخ مصر السياسى الحديث والمعاصر - يقوم بتسليم الحكم للرئيس المنتخب الجديد بعد أداء اليمين الدستورية.
الأمر الآخر أن مستوى الحضور من خلال الدعوات الموجهة للضيوف يعكس زخم الوجود الأفريقى، وتمثيله المميز، وهو ما يؤشر إلى العودة المصرية القريبة جدًا إلى عضويتها مرة أخرى فى الاتحاد الأفريقى، كما يعكس الدعم والمساندة العربية للرئيس الجديد فى مصر.
أما عن الحضور الأمريكى بوفد رفيع المستوى، فهو يعنى أن الإدارة الأمريكية لم تجد أمامها خيارًا سوى الاعتراف والإقرار بثورة يونيو الشعبية، وما نتج عنها من التزام بخارطة المستقبل التى تم إنجاز الأهم والأخطر فيها حتى الآن بانتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأن الحضور الأمريكى معناه فشل الرهان على جماعة الإخوان، وغباؤها السياسى فى تحقيق المخطط الأمريكى والغربى والتركى والقطرى فى المنطقة العربية.
ربما يكون ما سبق محاولة للرد على تساؤلات البعض عن إصرار الرئيس الجديد على إقامة أول حفل «تنصيب جمهورى» لم يعهده المصريون منذ آخر حفل تنصيب وتتويج ملكى فى يوليو 1937 بعد تولى الملك فاروق رسميًا حكم مصر.