كنت فى السوبر ماركت الشهير فى نهار رمضان فى اليوم التالى لخطاب السيسى فى ذكرى العاشر من رمضان والذى شرح فيه مبرراته لقرارات رفع الدعم عندما استوقفنى رجل فى الستينيات من العمر وقال لى بالحرف الواحد، أوعوا تتخلوا عن الراجل، ولم أفهم قصده حتى استطرد قائلا: الراجل بيعمل لمستقبلكم وبيصحح كل الأخطاء اللى عملها كل اللى قبله، قلت: قصدك السيسى فأومأ برأسه وهو يتحرك وقال هوه ده الراجل ماتتخلوش عنه.
وبصراحه أنا شخصيا فوجئت بالقرارات وخشيت جدا من ردود أفعالها خصوصا مع اشتعال السوشيال ميديا بالتهييج الإخوانى والاستثمار المتدنى والمفضوح للقرارات متناسين أن مرسى أحد أسباب الكارثة الاقتصادية لأن حجم مديونياته فى عام يتجاوز مديونيات مصر فى ثلاثين عاما فضلا على التضخم الذى حدث بسبب طبع البنكنوت وهبوط المستوى الائتمانى لمصر سبع مرات فى عهده وسوف تكشف التحقيقات حجم الكوارث الاقتصادية فى حكم الإخوان.
وبعيدا عن هذا فقد استلم السيسى مصر وهى بالفعل مهددة بإعلان إفلاسها لتلحق بدولة مثل اليونان التى أنقذتها عضويتها بل رئاستها للاتحاد الأوروبى وأدخلتها غرفة الإنعاش وهو مالم يتوفر لمصر رغم كل ماأعلن من مساعدات عربية، لكن مشكلة مصر أكبر من هذه المسكنات وأخطر، وهى مشكلة كؤود ومؤجلة منذ عقود، وكل رئيس كان يرحل الحل ويضع مصر على حافة جرف يؤدى للهاوية، ولذلك كان مبارك طوال ثلاثين عاما يمارس الانبطاح السياسى والمهانة الوطنية تحت دعوى الاستقرار وهو يسلم البلد لحفنة من السماسرة وشلة بيزنس العائلات، وكلما سأله أحد عن الدعم وسياسة الأموال المهدرة والدين المحلى كان يعاير المصريين ويزايد على حتمية المعونة الأمريكية وأكثر من مرة يقول هآكل الشعب منين.. همه يخلفوا واحنا نشحت.
لم يفكرمرة مبارك وقبله السادات فى حلول جذرية وثورية ومنذ أزمة يناير 77 وكل الحكومات تمارس النفاق السياسى مع سياسة المسكنات وتتراكم المشكلة حتى تحولت لكارثة، وورم سرطانى خبيث فى جسد الاقتصاد المصرى، ولم يفكر أحد فى استئصال هذا الورم، أو مجرد الاقتراب منه حتى جاء السيسى واقتحم الملف الأصعب، وصارح الشعب وقال بوضوح وجرأة إن هذا سيأخذ من رصيده وشعبيته، لكن مصر أهم من الشعبية.. الرجل صارح الناس وقال إننا مقبلون على كارثة ولم يقلها، وهى أن المؤسسات المالية الدولية ومنها البنك الدولى أصدر تقريره منذ أيام يحذر من تردى الوضع الاقتصادى فى مصر وقبلها أعاد السيسى الموازنة ولم يقرها للعجز المريع الذى تضمنته والدين المحلى غير المسبوق.
إذن كان لابد من مشرط الجراح.. لكن هل كانت درود الأفعال إيجابية لدى المواطن البسيط، أنا سألت كثيرين وتباينت ردود الأفعال.. البعض استحسن كالرجل الستينى الذى استوقفنى، والأغلبيه ممن رأيتهم عبروا عن خوفهم من المستقبل، وأنا لدى يقين أن كل المشاعرالإيجابية تتبخر أمام الفقر والحاجة وقلة المال وشح الرزق، ولذلك أعتبر خطاب السيسى إيجابيا جدا.