الدواء المر

لا أعلم لماذا تذكرت مقولة الراحل العظيم إسماعيل ياسين وهو يستنجد بالرجل المليونير الذى يشبهه والذى وعده بأنه بمجرد أن يحتاجه وقت الزنقة، كل ما عليه أن ينادى عليه ويقول "جزر جزر جزر"، وكانت غلطة الرجل البسيط أنه صدق المليونير، ومع أول زنقة استنجد به بنفس الطريقة التى وعده أنه سيكون بين يديه عندما يناديه بها ويرد عليه بقوله "شبيك لبيك" ولكن شيئا من هذا لم يحدث ودخل الرجل البسيط السجن وكل ما استطاع أن يردده هو جزر جزر جزر.

حكومة محلب لجأت لنفس لعبة المليونير مع الرجل البسيط الساذج الذى لعب دوره بعبقرية الراحل إسماعيل ياسين، ضحكت على الناس وقالت لهم بداية إن زيادة الأسعار حاجة بسيطة خالص، زى شكة الدبوس، لن تؤلمك، وربما لن تشعر بها، لأ وإيه إذا آلمتك ستكون الحكومة بجانبك، تخفف من آلامك وتمسح دموعك، إزاى يا حكومة؟

وعدتنا الحكومة أن الزيادة ستكون محدودة وضرورية فى أسعار البنزين ولن تكون هناك زيادة فى أسعار الركوب والنقل الا بنسبة ضئيلة وستكون الدنيا بمبى ومن يتجاوز سيجد يد الحومة الغليظة تنهال عليه، ومثل الساذج الذى مثل دوره إسماعيل ياسين صدق المواطن البسيط الحكومة واستنجد بها بدل المرة ألف، ولا حياة لمن تنادى، وترتكته فريسة لجشع تجار لا يصومون عن مص دماء الناس ويذهبون بالحصيلة الى بيت الله فى العشر الآواخر يتعلقون باستار الكعبة يطلبون الرحمة من رب العباد ولم يقفوا أمام قول الحق وهم يقرأون القرآن الكريم "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون".

ارتفاع سعر البنزين ولع فى سعر حتى رابطة الجرجير والفجل، وليس فى النقل فقط، وفى "فزيتة" الطبيب، وفى كل شىء يدخل فيه عنصر النقل، ولا يوجد شىء لا يدخل فيه النقل. الحكومة قالت لنا إن هذا الأمر قضية حياة أو موت، ماشى، لكنها لم توجد الوسائل لمنع استغلال البعض، الناس تعبت من مقولة شدو الحزام، واكتشفنا أننا الوحيدين الذين نشده أما غيرنا فحزامه، إذا وجد، فهو واسع ومرحرح. وبعدين الحكومة لجأت الى أسلوب غير أخلاقى لأنها لم تتدرج فى جرعة الدواء المر، مرة واحدة وجد المواطن نفسه أمام زيادة أسعار الوقود التى أنعكست فى زيادة كل شىء أسعار الكهرباء والغاز فى البيوت، وأسعار المياه، ماذا بقى للغلبان أو لمن تبقوا من الشريحة المتوسطة؟

يا دكتور محلب: المواطن صدقك، وبينادى على حكومتك، كما وعدت، وانبح صوته ينادى "جزر جزر جزر" لله رد عليه.