يدرك المصريون الفرق بين «حركة حماس» الإخوانية وأهالى غزة المحشورين بين فاشيتين: إحداهما عسكرية إسرائيلية، والأخرى دينية إخوانية، تورطت بقتل جنودنا وتدخلت بشكل سافر بالشؤون المصرية لدرجة استخدام عناصرها كذراع عسكرية للتنظيم الدولى للإخوان، لكن وبعدما أطاح المصريون بالمعزول محمد مرسى وجماعته تعقدت أزمتها أكثر، خاصة عقب تدمير معظم الأنفاق وتشديد الحصار وحظر أنشطتها بمصر. ورغم الخسائر الفادحة للحركة على كل الأصعدة وتراجع شعبيتها مصريا وعربيا لدرجة أن الملايين كانوا يتابعون مباريات المونديال أكثر من المواجهات الدامية، لكن حماس يبدو أنها قررت القفز للأمام لغسل سمعتها بافتعال أزمة لتمنح إسرائيل مبررات لشن عمليات دموية وصل عدد ضحاياها نحو مائة شهيد ومئات الجرحى حتى كتابة هذه السطور. بالطبع فهذه ليست المواجهات الأولى بين إسرائيل والحركة الإخوانية التى تحكم غزة، لكن الظروف الإقليمية مختلفة جذريا عن المرات السابقة، فقد تدهورت العلاقات بين القاهرة والحركة ودخلت منعطفًا جديدًا بعد قرار المحكمة غلق مكاتبها بمصر، كما يواجه قياداتها اتهامات بالتخابر واقتحام السجون. وبقراءة للواقع الإقليمى سنكتشف أن حماس تمر بمأزق وجودى عقب خسارتها دعم دمشق ومصر لوقوفها بجانب الإخوان بمبدأ «السمع والطاعة» بدلاً من تأكيد هويتها الفلسطينية، لهذا فالحركة التى كانت تعتمد ميزانيتها على طهران ودمشق والتنظيم الدولى للإخوان ومعونات دول الخليج، فقدت الجميع بتأييدها لمسلحى سوريا، مما أدى لامتناع إيران عن دعمها، وقطعت «شعرة معاوية» مع مصر باصطفافها خلف الإخوان وهجومها على رئيس مصر وجيشها.
ولعل الأكثر خطورة يتمثل بالمزاج المصرى الذى يعتبر «حماس» حركة إرهابية، فقدت تعاطف الشارع، خاصة بعد تواتر معلومات عن صفقة سرية بين واشنطن والتنظيم الدولى للإخوان لتصبح سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين وعززت تلك المعلومات ممارسات الجهاديين المدعومين من حماس بسيناء، مما دفع الجيش لتدمير كل الأنفاق بين غزة ومصر و«معسكرات تدريب» للتنظيمات الجهادية المسلحة، بعدما كان نظام الإخوان يغض الطرف عنها ويُغل يد الجيش عن ملاحقتهم.
وتسود الشارع المصرى ومواقع التواصل الاجتماعى قناعة بأنه رغم التعاطف مع ضحايا غزة، لكن غالبية البسطاء بعيدا عن النخبة ترفض تصريحات قيادات حماس بطلب مساعدة الجيش المصرى باعتبارها محاولات لاستدراجه لمستنقع أزمات افتعلتها حماس باستعداء إسرائيل وسط ملابسات مريبة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة