ناصر عراق

الأراجوز فى الحسين!

الإثنين، 14 يوليو 2014 03:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليت أحد أعضاء جماعة الإخوان زار حى الحسين الجمعة الماضية، ليرى المصريين على سجيتهم، ويدرك ما يجهله عن طبيعة هذا الشعب الطيب الذى عرف الطريق إلى الله قبل الديانات السماوية بمئات القرون، وعرف أيضا أن الحياة نعمة يجب الاستمتاع بفنونها ولذائذها.

أجل.. لقد كنت هناك ورأيت آلاف الناس الصائمين، وكيف تعاملوا قبل الإفطار وبعد الإفطار. تعال أقص عليك نبأ جولة دامت ثمانى ساعات فى رحاب الحى العتيق. وصلت إلى الحى العتيد فى حدود الخامسة عصرًا مصطحبًا أسرتى، ولما كان القيظ مشتعلا والرطوبة مرتفعة فقد آثرنا حجز أماكننا والجلوس فى المطعم حتى تحين لحظة الإفطار. المهم.. فى دقائق معدودات امتلأت حارات الحسين وأزقته ومطاعمه بالبشر الذين وفدوا إليه من كل فج عميق.

الإرهاق واضح.. والعرق يسيل.. والطقس يعاقب البشر بتقليل نسبة الأكسجين فى الجو، ومع ذلك، فالإيمان ينير الجباه، والسكينة تسكن القلوب، ولما رفع أذان المغرب انهمك الصائمون فى بل الريق الجاف وهدهدة المعدة الخاوية.

بعد أداء الصلوات تفرقت الحشود فى أروقة الحى التاريخى، وراحت الناس تبحث عن المتعة الصافية بعد أن أدوا الفرائض الدينية عن طيب خاطر وبقلوب خاشعة. وكانت وزارة الثقافة قد أعدت برنامجًا حافلًا طوال الشهر الكريم، وهكذا ذهبنا إلى بيت السحيمى (بيت أثرى أنشأه أحد كبار التجار فى حارة الدرب الأصفر عام 1740).
إذا تغاضينا عن الفوضى المعتادة لدينا نحن المصريين، فلا التزام بالموعد المحدد لبداية العرض – تأخر 45 دقيقة – ولا أماكن كافية لاستيعاب الجمهور المتزايد، ولا أجهزة صوت أو إضاءة تعمل بالكفاءة المطلوبة.. أقول بغض عن النظر عن هذه المثالب، فإن الجمهور شاهد عرضًا جميلًا عن الأراجوز وخيال الظل، وسمعنا الناس تضحك من قلوبها، وتصفق إعجابًا وافتتانا.

فى هذه الليلة يتجلى جوهر الشخصية المصرية بامتياز.. هذه الشخصية التى تتعبد فى النهار وتؤدى واجباتها الدينية راضية مرضية، طالبة رضا السماء، لكنها أيضا تعشق الأرض وتسعد بالإنسان الذى يبتكر ويفن (من الفن)، ليمنحها النشوة الرائقة والبهجة الدائمة.

ترى.. هل تفهم جماعة الإخوان جوهر الشخصية المصرية؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة