حفر محمد الموجى مجرى عذبا فى الغناء المصرى منذ منتصف خمسينيات القرن الماضى وحتى رحيله فى مثل هذه الأيام عام 1995، كان ينهل من منطقة عميقة فى وجدان ريف الدلتا، هو من مواليد بيلا بكفر الشيخ سنة 1923، وتعلم الزراعة فى شبين الكوم، «صافينى مرة» التى أطل بها على عالم التلحين مع عبدالحليم حافظ وضعته فى الصورة كصاحب وجهة نظر فى الغناء، تتكئ على المخزون الجمعى المشغول بالكلام الذى خلف الكلام، حيث تلعب البداهة دور البطولة، وتشعر وأنت تستمع إلى المغنى أنك مع صديق يفضفض لك بالغناء عن أزمته وحرمانه وأشواقه، صديقك هذا ليس منهارا، وليس مهزوما مثل الآخرين.
الفلاح الذى بداخله أطلق خضرة غزيرة على الألحان، لم يقلد أحدا من أبناء المدن، واحتكم إلى قلبه وفطرته النقية فى اختيار ألحانه، مشروعه الكبير من وجهة نظرى كان مع مرسى جميل عزيز، مشاعرهما معا كانت مع الغناء المصرى الخام، الذى يؤكد للناس أنهم يعيشون معا، وجاءت فايزة أحمد لتحمل هذه الأشواق إلى مرتبة عالية، الموجى لحن لمعظم الأصوات وله مع حليم سبعين لحنا ولأم كلثوم طبعا، من حسن حظه وحظنا بالطبع أنه ابن جيل غنى بالمواهب، كان يلحن وأمامه عبدالوهاب وزكريا والسنباطى وصدقى والشريف وفوزى، والى جواره الطويل وبليغ ومراد منير وغيرهم، كانوا معا عنوانا لمصر المبدعة الصداحة التى تحررت، وكان ضروريا أن يظلل الغناء أيامها، كل واحد منهم لك مع أغنياته حكاية.. ولكنك مع الموجى أنك مع أحد أقاربك.