الرجوع إلى كتاب عصر ورجال لفتحى رضوان، الذى يؤرخ لمرحلة ما بين ثورتى 19و 1952 ضرورى، ليس فقط بسبب قيمة الكتاب، ولكن لافتقادنا نموذج الرجل صاحب الرؤية النافذة واللغة المتدفقة الودودة والرغبة فى تنوير الناس بعيدا عن تقديس أحد، لم نقرأ لمحترفى كتابة التاريخ عملا عن هذه الفترة اعتبر الشعراء والأدباء والمسرحيين والصحفيين مادة لقراءة عصر ملىء بالإنجازات والإحباطات والأكاذيب مثل هذا العصر، رضوان اعتبر إنجاز رموزه فى النصف الأول من حياتهم ما هو إلا كتب تضم مقالاتهم مثل فى أوقات الفراغ لهيكل، ومطالعات فى الكتب والحياة، وساعات بين الكتب، ومراجعات فى الآداب والعلم عند العقاد، وحصاد الهشيم وقبض الريح عند المازنى وما إلى ذلك.
هو يرى أنهم منذ البداية كانوا عاجزين عن أن تكون لهم نظرة شاملة لأمر من الأمور السياسية أو الأدبية، وأنك إذا فرغت من قراءة ما كتبه العقاد والمازنى وهيكل فلا تعرف بالضبط ما الذى يريده أى منهم، ثم لا تعرف الفارق بين الواحد منهم والآخر، فيما عدا الفوارق المادية من حيث الوضوح أو جزالة الأسلوب ورخاوته، لأنهم أبناء مدرسة واحدة، وقد انتقلوا جميعا إلى التأريخ للإسلام والدفاع عنه، وختموا حياتهم الفكرية بهذا التطور، وكأنهم جميعا على موعد فى كل خطوة يخطونها، بعد أن تقرأ عبقريات العقاد وكتب هيكل عن محمد وأبى بكر وعمر وكتب غيرهم، تتساءل: ما الفرق بين هيكل والعقاد وغيرهما حينما لم يكونوا يذكرون الإسلام إلا نادرا، وبينهم حين وجهوا جهدهم ودراستهم على الإسلام؟