فى الحديث عن رفع الدعم عن الطاقة، تتدافع الحجج الحكومية بين قولها بأن هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه، وأن المصانع التى يملكها رجال الأعمال هى المستفيدة، حيث تشترى الطاقة مدعمة، بينما تبيع إنتاجها للمصريين بالأسعار العالمية، بما يعنى أن الـ%10 الذين يسيطرون على مصادر الثروة فى مصر، حسب تحديد رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، هم الذين يستفيدون من الدعم.
فى هذه القصة التى يتواصل الجدل حولها منذ سنوات طويلة، يظل الحديث بشأنها مرتكزا على هؤلاء الذين يستفيدون بدون وجه حق وهم نسبة الـ%10 الذين يستحوذون على الثروة، أما المعنيون بالدعم أصلا، وهم الـ%90، فتارة يتم الحديث عنهم باعتبارهم متهمين بعدم ترشيد الإنفاق، وفى حمى البكاء على أحوال مصر الاقتصادية، يزيد البعض فى حديثه بأنه يجب إقفال حنفية الدعم عن هؤلاء الفقراء، حتى ينسوا قصة أن الحكومة تفعل لهم كل شىء وتأتى لهم بكل شىء دون عمل منهم، فيؤدى ذلك إلى إبقائهم هكذا على فقرهم وبلادتهم وتكاسلهم وإدمانهم لعدم العمل.
تلك نوعية من الحجج لم يتورع البعض عن ذكرها، غير عابئ بأنها تحمل فى ظاهرها وباطنها عصا التأديب للمصريين الفقراء الذين يصل عددهم حسب ما ذكره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى %26.3، وتصل نسبة البطالة إلى %13.4.
مع فداحة هذه النسب عن الفقر والبطالة، يمضى الحديث عن الدعم إلى حالة من التشنج، حديث ترتكز أهم حجة لإلغائه على «تخفيف العبء عن الموازنة»، وبالرغم من أن هذا «التخفيف» هو هدف إيجابى بالطبع، إلا أنه كيف يشعر به حقا رب أسرة يتعذب يوميا فى توفير قوت يومه لأسرته؟، كيف تشعر به سيدة تعول صغارها دون دخل حقيقى منتظم لها؟، كيف يشعر به موظف يحصل مثلا على الحد الأدنى للأجور، وفى رقبته أسرة مكونة من زوجة وأبناء؟
بالتأكيد فإن فقراء معدمين أعرفهم فى قريتى وفى قرى مجاورة، لا يعرفون شيئا عن الدعم ومقداره، ولا يعرفون الجهات التى تنفق الحكومة فيها هذا الدعم، ولا يعرفون شيئا عن الموازنة العامة وعجزها، ولا يعرفون شيئا عن المصانع التى تستحوذ على الطاقة المدعمة، هؤلاء فقط يعرفون شيئا واحدا وحقيقة واحدة تدور فى مصر منذ سنوات طويلة وهى ارتفاع جنونى فى الأسعار كل فترة.
فرغم كل ما تعلنه الحكومة من إجراءات خاصة بتوزيع السلع على البطاقات التموينية، ورغم التصريحات الوردية من الوزراء بأنهم يعملون ليل نهار من أجل الفقراء، ورغم، ورغم، إلا أنه تبقى حقيقة واحدة وهى، أن كل هذه الإجراءات لم توقف ارتفاع الأسعار، وأن هذه الوعود لم تعين فقيرا تلك الإعانة التى تغنيه عن تكافل وعطف ومساعدة الآخرين.
حديث رفع الدعم عن الطاقة تطرحه الحكومة وتقدم عليه وسط زفة علاج عجز الموازنة، غير أنه ما فائدة ذلك وموجة من ارتفاع جنونى للأسعار متوقعة فور قرار رفع أسعار البنزين والسولار، ماذا ستفعل الحكومة حيال ذلك؟
بالطبع لن تفعل الحكومة شيئا، لأنه ليس فى وسعها أن تفرض تسعيرة، وليس بوسعها أن تحدد هامش ربح لأى منتج، وبالتالى سيدفع الفقراء وحدهم الثمن كالعادة، فهل فكرت الحكومة فى ذلك؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حافظ إمام (مصرى أصيل حر )
وزاره من عامة الشعب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمودعبدالواحد
العقل والمنطق بيقول ان القادر لا يتساوى مع غير القادر فى الحصول على دعم
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
رئيس الحكومه للوزراء -اكتر حاجه تزعلنى طلب الفلوس - استمروا فى الهمبكه والفهلوه والهنكره
واحرصوا فقط على رواتبكم
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
دفن رؤوسنا فى الرمال وتجاهل مشاكلنا من جذورها هو الخطر الحقيقى الذى يهدد كل حياتنا
بدون