غدا تحل الذكرى الثانية والستين لثورة يوليو 1952، تلك الثورة التى أحدثت نقلة نوعية فى جميع المجالات، ليس فى مصر فحسب بل فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، هذه الثورة التى بدأت كحركة مباركة قامت بها القوات المسلحة المصرية، ثم بعد إسقاط الملك والنظام انحازت هذه الحركة للشعب وكان قانون الإصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 52 نقطة تحول فانحاز المصريون لهذه الحركة وتحولت إلى ثورة حقيقية مازالت آثارها الإيجابية تحدث نتائجها على أرض الواقع حيث إن روح ومبادئ يوليو كانت هى الدافع كهبة يناير 2011، فى الوقت الذى لا زال اللغط حولها قائما فى عدة قضايا أغلبها مختلق وأقلها ناتج عن انحياز طبقى أو عن غير فهم، ويأتى فى صدر هذه القضايا موقف الثورة من الأقباط، وهنا نسأل من هم هؤلاء الأقباط وما تعريفهم؟ وهل كان هناك مواقف ضد الأقباط كأقباط أى بشكل طائفى؟ وهل يمكن أن نطلق تعريفا طبقيا واحدا على الأقباط؟ بالطبع لا يمكن تقييم ثورة أو حدث سياسى كبير بمعايير ومقاييس غير معايير الزمان والمكان المرتبطين بالحدث والمرتبط بهما، فبحكم الزمان والمكان فإن الأقباط المقصودين هم هؤلاء الأقباط الذين يجب ألا يعرفوا بصفتهم الدينية بل بوضعهم الطبقى، هم الأقباط المحسوبون على طبقة الإقطاع، طبقة النصف فى المائة والتى قامت فى مواجهتها الثورة، هم الأقباط الذين تملكوا آلاف الأفدنة بقانون التملك الصادر عام 1891 وليس بعرقهم أو مجهودهم، فهل هؤلاء يمكن أن تكون مصالحهم وانحيازاتهم هى نفس المصالح والانحياز لمجمل الأقباط الذين كانوا لا يجدون قوت يومهم؟ أم أن مصالح فقراء الأقباط هى ذات مصالح أغلبية الشعب المصرى آنذاك؟ فماذا يفيد وماذا كان يستفيد فقراء الأقباط من هذه الطبقة المستغلة والإقطاعية حتى لو كانوا أقباطا؟ نعم قامت ثورة يوليو بالاستيلاء على أراضى الإقطاعيين من المصريين مسلمين ومسيحيين، نعم تم تأميم ممتلكات الرأسماليين المستغلين الذين رفضوا التعاون مع الثورة للمشاركة فى إحداث تنمية حقيقية من المسلمين والمسيحيين، فماذا كان المطلوب؟ هل تأميم الملاك المسلمين دون المسيحيين؟ وكيف؟ وهل كانت القوانين هى ذات القوانين. أم أن هناك فارقا بين تأميم مسلم وتأميم مسيحى؟ مع العلم أنه لم يتم الاستيلاء على أراضى الدير المحرق بالقوصية أسيوط، والذى كان يملك فى ذلك الوقت حوالى خمسة آلاف فدان فى الوقت الذى حددت فيه الملكية بمائتى فدان وهنا ماذا قدمت الثورة للمصريين من المسلمين والمسيحيين؟ وهل أضير فقراء الأقباط من الثورة أم استفادوا؟ وهل ضرر الإقطاعيين من الأقباط يصبح ضررا لفقراء المسيحيين؟ نعم استفاد الشعب المصرى وهم الأغلبية التسعة والتسعون ونصف فى المائة، فتعلم فقراء الأقباط وهم الأغلبية فى المدارس واستطاعوا دخول الكليات التى يرغبونها وبمجهودهم عن طريق مكاتب التنسيق وبالمجان، حصلوا على وظائف عن طريق القوى العاملة بعيدا عن الواسطة والمحسوبية التى كان من يحصل عليها لا يملك غير لعق الأحذية وتقبيل الأيادى، نعم تعلمنا وتوظفنا وعولجنا بل الأهم قد شعرنا بآدميتنا وإنسانيتنا، أما الادعاء الكاذب بأن الثورة حاصرت الأقباط فى العمل السياسى، فهذا كذب لسبب بسيط وهو أن من كان يمارس العمل السياسى والحزبى قبل الثورة هم ذات الطبقة المالكة والمستغلة، فهل كان القبطى الفقير سياسيا أو وزيرا أو عضوا فى البرلمان، هم نفس الطبقة وتجمعهم نفس المصالح، والأهم أن من يدعون اضطهاد ثورة يوليو للأقباط هم المتعصبون الرافضون للانتماء العروبى والمنحازون والمبهورون بالنموذج الأمريكى وعلى رأسهم أقباط المهجر، هم من توارثوا معلومات مغلوطة بأن التأميم كان مقصودا به الأقباط. عاشت مصر لكل المصريين.