ستبقى مذبحة «الفرافرة» والتى راح ضحيتها 22 شهيدا من جنودنا البواسل، وجعا دائما فى حال عدم التوصل إلى مرتكبيها، غير أن القراءة السياسية لهذه المذبحة بالالتفات إلى سياقات تاريخية سابقة، ربما تقودنا إلى توقع مزيد من مثل هذه العمليات الإرهابية الجبانة.
القصد بالسياق التاريخى هو المناخ السياسى العام الذى تتزايد فيه جرائم الإرهاب، وهو مناخ يمتد خارج الحدود المصرية لكنه يترك تأثيره الكبير فيها، فالجماعات التكفيرية الإرهابية يتصاعد خطرها فى حال سيطرتها على مناطق تنفذ فيها أجندتها الخاصة، وتقوم بتصدير هذه الأجندة إلى مناطق أخرى، ولعل نموذج «أفغانستان» خير دليل، فبعد أن صعدت «طالبان» إلى حكمها، وحتى بعد خلعها من الحكم، ظلت القبلة التى يتوجه الإرهابيون إليها كقدوة ونموذج، ومعها شعر الإرهابيون فى كل مكان بحماس كبير وزهو بالغ، لأنهم رأوا نموذج الحكم الذى يحلمون به، والذى يعيد طبقا لوجهة نظرهم الإسلام فى صورته الأولى.
أدى ذلك إلى تواصل العمليات الإرهابية فى المنطقة فى التسعينيات من القرن الماضى، وكان نصيب مصر منها كبيرا، والأخطر أن كل التنظيمات الإرهابية وقتئذ وجدت زادا بشريا قوامه شباب اقتنع بأن «الدولة الإسلامية» يمكن أن تعود بأثمان من الدماء، فتدافعوا إلى جرائمهم الإرهابية وهم على قناعة بما يفعلون.
تأتى جريمة «الفرافرة» فى توقيت تشعر فيه الجماعات الإرهابية بانتصار معنوى تحقق لها، بعد سيطرة «داعش» على أجزاء من شمال العراق وأجزاء من سوريا، أصبح لـ«داعش» كيان جغرافى تسيطر عليه، ونصبت أعلامها، وشرعت فى تطبيق القوانين التى تتصور أنها تقاربها من صورة الدولة الإسلامية الأولى، فقررت تهجير المسيحيين فى الموصل ماداموا لن يتحولوا إلى الإسلام، ولا يدفعون الجزية، كما طبقت عقوبة الرجم على سيدة متهمة بارتكاب الفاحشة.
وإذا أضفنا إلى «داعش» صورة أخرى تتمثل فى سيطرة جماعات تكفيرية إرهابية على مناطق فى ليبيا، فهذا يعنى ارتفاعا إضافيا فى منسوب معنويات التكفيريين فى عموم المنطقة ومنها مصر، حيث يخيل إليهم أنهم يتسعون جغرافيا، الأمر الذى يساعدهم فى التزايد البشرى».
وبالرغم من اختلاف السياقات السياسية، إلا أن هناك تشابها إلى حد كبير بين ما حدث بالأمس، ويحدث الآن، بالأمس كانت «طالبان» ملهمة للجماعات الإرهابية فى المنطقة العربية بحكم أنها كانت تسيطر على بلد وتحكمه وتديره، والآن أصبحت «داعش» هى مصدر الإلهام، فهى تسيطر وتحكم وتدير، وبالتالى سيترتب على هذا أن الجماعات التكفيرية فى المناطق الأخرى ومع شعورها بالتمدد، ستعمل على زيادة عملياتها الإرهابية، ومن هنا تبدو مصر مرشحا رئيسيا فى ذلك، يساعد عليه شعور لدى التكفيريين بضرورة الثأر مما حدث بعد ثورة 30 يونيو، واقتلاع حكم جماعة الإخوان من جذوره.
التحدى الذى ستجد مصر نفسها عليه فى المرحلة المقبلة، هو كيف يتم القضاء على كل «داعش» وأشكالها، القضاء على مايحدث فى الموصل وسوريا من تفتيت للدولة الوطنية، النظرة إلى الموضوع من داخل حدودنا الجغرافية فقط سيعد تقصيرا كبيرا، فربما تنجح المواجهة لبعض الوقت ونحن داخل حدودنا، ولكن لن تستمر طوال الوقت.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من جمهورية الموز
كن شجاعا وطالب بعزل المسؤول الأول
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو الهول
جرائم عصابات التهريب على الحدود لأ تلصقها بآخرين
عدد الردود 0
بواسطة:
الكبير قوي
3- القتل بإسم الفساد لأيقل بشاعة عن القتل بإسم الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحميد حراز
اْقول لداعش التكفيرية