تمنيت أن ينتهى شهر رمضان سريعا لشىء واحد فقط، وهو التخلص من هذا الكم من التسول الإعلانى المقيت عبر شاشات الفضائيات طوال الشهر الكريمو الذى حوله شلة المنتفعين والمستفيدين من شركات إعلانات، وجمعيات خيرية عليها عشرات علامات الاستفهام، من شهر عمل وكد واجتهاد وإخلاص وعبادة إلى شهر للتسول المقزز والمتاجرة الفاضحة بآلام وأمراض المصريين، والمحاولات البائسة والإلحاح الممل لاسترحام واسترقاق واستعطاف مشاعر المشاهدين خلال الشهر الفضيل للتبرع الإجبارى، والحصول على الدرجات النهائية فى امتحان التبرع لجمعية رسالة، أو الأورمان، ومصر الخير، وبنك الطعام - على طريقة 8 من 8 لا أعرف لماذا - وإلا فلن تقبل صلاة ولا صيام المشاهد، وسيلقى مصيره جهنم وبئس المصير.
ناهيك عن البؤس والقسوة والمبالغة غير المقبولة وغير الواقعية عن حالة الجوع فى مصر، باستعراض حالات أشك فى وجودها فى المجتمع المصرى، الذى يتسم بالتراحم والمودة والرحمة، بعرض فيلم قبيح وساذج من أفلام العشرينات الكوميدية لطفل يربط حجرا على بطنه لتفادى الإحساس بالجوع، والرجل الذى يبحث فى سلات القمامة عن فضلات الطعام، والسيدة التى تسب من يقوم بطردها من مكان بيع الشاى بألفاظ يعاقب عليها القانون.
هذه القسوة والفظاظة والبجاحة فى إعلانات التسول المدفوعة الثمن لصالح شركات إعلانية أو شركة إعلانية بعينها تتم على عينك يا تاجر، ودون تدخل مسؤول من جهات الدولة المعنية لوقف هذا العبث والدجل الإعلانى الذى يطلق سهاما قاتلة فى صميم كرامة وأخلاقيات المصريين، وأصبح مثل «أبورجل مسلوخة» و«أمنا الغولة أم عين حمرا» فى حواديت زمان يفزع الاطفال ويصيبهم الرعب لحظة سماعها، بل يصيب الكبار بالغثيان والقرف، مما يشاهدونه بعيدا عما يدعو له الدين السمح بالتعفف عند السؤال و.. «تحسبهم أغنياء من التعفف».
الشىء المثير للغضب والاشمئزاز أيضا أن شركات الإعلانات وبنفس صوت مقدم ومذيع إعلان الجوع والفقر الحنون أو النحنوح، يداهمك بصوته اللعوب الضاحك مباشرة بإعلانات غاية فى التناقض الصارخ، عن بورتو ومراسى والساحل الشمالى والفاست فودز، وإظهار المجتمع المصرى بأنه مجتمع التناقضات، لا ينفق فيه الأثرياء على الفقراء، وبالتالى لا سبيل إلا الشحاتة والتسول، وبهذه الصورة القاسية على المشاهدين فى شهر رمضان. والمستفيد هو الوكيل الحصرى لهذه النوعية من الإعلانات الفجة بتخصصاتها المتنوعة، جمعيات خيرية وأفلام الجوع والمستشفيات بأنواع أمراضها، وهو أيضا الوكيل الحصرى لإعلانات الاستفزاز الاجتماعى والطبقى، بدون وازع من أخلاق أو ضمير.. وكله على حساب الشعب المسكين الذى وقع فى فخاخ إعلانات رمضان الكئيبة.
يا سادة.. ارحمونا من هذه الإعلانات المهينة للشعور المصرى وأوقفوا هذا السيل من العبث الإعلانى الذى يتدفق دون تدخل من وزارة أو هيئة ودون رقابة من جهة مسؤولة.
من هنا أطالب الحكومة بضرورة الإسراع بالموافقة على مشروع قانون بيت الزكاة الذى قدمه شيخ الأزهر، ووافق عليه رئيس الجمهورية للاستفادة من مليارات الجنيهات التائهة فى دروب عشوائيات التبرع، وجيوب شركات الإعلانات، وأحيانا إلى مصادر غير معلومة بعيدا عن رقابة الدولة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
عندك حق.
عدد الردود 0
بواسطة:
حماده المصري
اريال و برسيل وأاذلال المصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
عاطف مصر
التليفزيون الشحات
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق مصر
مقال أكثر من رائع ...جزاك الله خيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو حميد
لدينا فقراء كثيرين والحل العمل والتنمية وليس إخفاء الرأس فى الرمال
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف جمال الدين عبد الغنى البرانى
30% من التبرعات هى التى تصل للفقير
عدد الردود 0
بواسطة:
saed
والله حتي ا لاطفال عندي تعبوا من هذا التسول
عدد الردود 0
بواسطة:
سمية البارودى
تجميل القاهرة
عدد الردود 0
بواسطة:
ممدوح رياض
لن تستطيع الحكومة القضاء على التسول
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس عصام منصور
الانفجار السكانى