غزة تشكركم على حسن تعاونكم معها.. أتحدث عن هؤلاء الذين يمارسون تبكيتا لا مبرر له تجاه من يؤيدون توقف هذا النزيف من الشهداء الفلسطينيين حتى ولو تنازل كلا الطرفين – المقاومة والمحتل الإسرائيلى - عن بعض شروطهما، ويعتبرون صاحب هذا الرأى متخاذلا وخائنا للقضية الفلسطينية.
هؤلاء المتحمسون الذين يشتعل وجدانهم تأثرا مع كل مشهد يظهر فيه شاب ملثم يطلق صواريخ القسام تجاه العدو، تتعامى أبصارهم عن كل هؤلاء الشهداء من الأطفال والنساء الذين يدفعون ثمن الحسابات الخاطئة للمقاومة، نعم هى حسابات خاطئة ليس فقط لأنها تجاهلت الاستعداد لرد الفعل الإسرائيلى الغاشم، لكنها أيضا تناست أو ربما تعمدت ألا تؤمن المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ فى غزة من انتقام صهيونى لا تعنيه أرواح هؤلاء الأبرياء كثيرا، بعض هذه المقاومة يستخدم طريقة «جوبلزية» لتبرير استمراريته وشعبيته، ببث فيديوهات لعمليات فدائية تؤكد مدى التطور الذى وصلت إليه آليات النضال الفلسطينى تجاه المحتل، ويختارون لها عناوين ساخنة لا تناسب الحقائق المريرة على أرض الواقع.
أقول «جوبلزية» هنا لأنها تتعمد التضليل وتلوى عنق الحقيقة، لصنع رأى عام كاذب وتفاؤل مزيف، على غرار ما فعله وزير الإعلام االنازى «جوبلز» إبان حكم هتلر لألمانيا، فأى انتصار هذا الذى يجعل المرء يفرح باستشهاد قرابة ألف فلسطينى مقابل 36 من جيش الاحتلال حتى وإن اعتبرنا الواحد منهم بعشرة فما زالت كفة عدد الشهداء من جانبنا راجحة، هل تحسبون أن مقاطع الفيديو التى تنشرونها وتتلقفها قلوب الشباب العربى الغاضب والمحبط لكى يصدقوا أنكم أبطال ستكفى لنصركم أو لإحراج خصومكم السياسيين، لسنا فى حاجة للتأكيد على عدالة القضية، لكننا أيضا نريد أن نتعامل مع الواقع دون تجميل أو تزييف.
عليكم الآن أن تفكروا جيدا ما الذى يجب أن تفعلوه لكى توقفوا عداد الضحايا من الفلسطينيين الأبرياء، فإن لم يكن بمقدوركم أن تتفوقوا فى الحرب، ويئستم من الدعم العربى، فعلى الأقل حاولوا أن تقتنصوا الوقت المناسب للتفاوض، وهذا الوقت لا يأتى حينما يصل القتلى الإسرائيليون إلى 100، فقد يكون عدد شهدائنا حينئذ ارتفع إلى 10 آلاف، من فضلكم يا سادة.. غزة لن تنتصر بالفيديوهات ولا بمضاعفة كراهية الشباب العربى لأنظمته الحاكمة.