قبلت حركة حماس وأشاوسها الهدنة الإنسانية لـ12 ساعة، بينما رفضت المبادرة المصرية إلاّ إذا جاءت من الدوحة أو أنقرة، فلماذا قبلت بالهدنة الإنسانية وتطالب بمدها أسبوعاً بينما رفضت المبادرة المصرية فى الوقت الذى تتفاوض فيه حول اقتراحات وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى رغم لا معقوليتها!
الهدنة الإنسانية لا تسمح لحماس أو لأهالينا فى غزة إلاّ بانتشال الجثث وإحصائها، ليس من حقها العودة إلى المناطق التى خرجوا منها أو الاقتراب من تجمعات قوات الاحتلال، وليس من حقهم مواجهة جنود إسرائيل وهم ينظمون صفوفهم ويعيدون انتشارهم أو وهم يبحثون عن الأنفاق ويهدمونها، وليس من حقهم أيضاً إبداء أى رد فعل تجاه استفزازات جنود ومجندات الاحتلال أمام الأهالى وفى أماكن تمركزهم.
طيب إذا كان الهدف من الهدنة الإنسانية، كما يبدو من مسماها، حفظ دماء الفلسطينيين فى القطاع، وإذا كان أشاوس حماس يسعون ويطالبون بمدها إلى 7 أيام، فلماذا المتاجرة بالدماء أصلاً، ولماذا لم يتم انتهاز الفرصة والموافقة على المبادرة المصرية التى هدفت منذ البداية حفظ الدماء الفلسطينية الغالية التى يتاجر بها قيادات حماس، كما يستخدمها إخوان قطر وتركيا ورقة فى موازين السياسة والبحث عن دور فى المنطقة!
من يتحمل فاتورة الدم الفلسطينى المراق؟ من يتحمل ارتفاع عدد الشهداء من 40 شهيداً وقت طرح المبادرة المصرية إلى حوالى ألف شهيد حتى الآن؟
المبادرة المصرية التى رفضها الأشاوس فى حماس بناء على تعليمات مغرضة من الدوحة وقطر كانت لمن لا يعلم تعتمد أربعة محاور أساسية، أولها الوقف الفورى لإطلاق النار لحفظ دماء الفلسطينيين الذين يسقطون بفعل الآلة الحربية الإسرائيلية العمياء والتى لا تفرق بين مدنى وعسكرى، وما يعنيه ذلك من توقف القصف الجوى والبرى والبحرى للقطاع.
كما تتضمن المبادرة المصرية فتح جميع المعابر الحدودية وليس فقط معبر رفح الذى يصوره البعض باعتباره البوابة الوحيدة لأهالينا فى غزة، كما تتضمن تسهيل عبور البضائع والأشخاص مما يعنى عودة الحياة المتوقفة وكسر الحصار المفروض على القطاع.
المبادرة المصرية أيضاً لمن لا يعلم نصت على تثبيت تفاهمات وقف إطلاق النار والتزام الطرفين بوقف القصف وبدء إجراءات بناء ثقة بين الطرفين خلال 48 ساعة من وقف القتال فى جلسة خاصة بالقاهرة.
ما الجديد فى الهدنة الإنسانية المطولة التى تطالب بها حماس أفضل مما جاء بالمبادرة المصرية؟ وهل يصل الأمر بأن يصل الغباء السياسى من حماس إلى أن يهدروا دماء ألف شهيد حتى لا يحسب لمصر أنها بادرت بوقف الاعتداء على غزة؟! أم أن الأوامر الصارمة من الممولين بالدوحة وأنقرة لأصحاب الحسابات المتضخمة من حماس أقوى من دماء الشهداء؟!
الواقع على الأرض يقول إن قوات الاحتلال الإسرائيلى وغلاة المتطرفين الداعمين لبنيامين نتنياهو يضحكون من بلاهة أمراء وأشاوس حماس، وينسقون من طرف خفى بين تجار الشعارات فى الدوحة وأنقرة وتاريخهم طويل فى العمالة والتعاون مع تل أبيب لشىء واحد وحيد، وهو إحداث أكبر قدر من الدمار والقتل فى غزة، فمن مصلحتهم أن تظل قطر وتركيا تنفحان فى حماس وتروجان لعنادها، وليسقط بدل الشهيد عشرة آلاف، فالمحصلة النهائية دعارة سياسية علنية وتجارة حرام بدماء الشهداء وإتاحة الفرصة من جانب آخر لرئيس وزراء تل أبيب بإحراز نصر عسكرى يدعم حزبه سياسياً!
اللهم عليك بأطراف الدم الحرام فى غزة، اللهم عليك بقوات الاحتلال اللهم عليك بالمعاندين الملوثة أيديهم بالدماء من حماس اللهم عليك بالتجار فى الدوحة وأنقرة واللهم ألهم أهلنا فى القطاع الصبر والجلد والقدرة على المقاومة.. آمين