كان رأى فتحى رضوان أن رموز ما بين ثورتى 19 و1952 من المفكرين، كما كانوا يؤلفون فى النصف الأول من حياتهم عن روسو وجوته وبيكون كتبا، وكما كانوا يكتبون مقالات عن فرانس ونيتشه وعن الفلسفة الغربية وزعماء الفكر الأوروبى، كتبوا فى النصف الثانى عن الإسلام ونبيه وصحابة رسوله الكريم وعن أثره وفلسفته، فما من شىء تغير بتغير موضوع دراستهم وكتاباتهم، وما من شىء تأثر فى أسلوب تفكيرهم، وكان الطبيعى كما يقول رضوان وقد بلغ الإعجاب عنهم بالإسلام إلى هذا الحد الكبير، أن ينعكس على مسلكهم فى الحياة العامة وعلى تفكيرهم السياسى وهم رجال سياسة وصحافة، هذا القدر من الإعجاب، ولكنك لا ترى له أثرا، وليس هذا إلا مظهرا كاشفا عن موقف كتاب هذا الجيل كله، لأن الكتابة من وجهة نظر صاحب عصر ورجال لم تكن معاناة روحية.
عندما كانوا شبابا تمنوا أن يكونوا طليعة فكر «علمانى» لا دينى، طليعة حرة لمدرسة من الأحرار لا تخيفهم التقاليد الموروثة ولا القيم التى أسبغ عليها الخوف والكسل والتراخى العقلى والوجدانى هالات قداسة لا تستحقها بل لعلهم تاقوا إلى الذهاب إلى أكثر من ذلك، تركوا للجمهور أن يستنتج عدم انشغالهم بالدين من مسلكهم العام، وأنهم يريدون خلق حركة فكرية لا تهاب عمائم المشايخ ولا الخرافات الشائعة بين الناس، وأن يقتحموا قلاع الرجعية الفكرية، فماذا فعلوا بعد أن تقدم بهم العمر؟ يجيب رضوان: كان أقصى ما استطاعوا أن يفعلوه أن يذكروا اسم الرسول الكريم مجردا من لقب سيدنا، وألا يتبعوه بالصلاة عليه.