نمت وحلمت أن الموت جاءنى فجأة وأنا راقد على فراشى.. لم أشعر بطلوع الروح.. ولا شعرت بالفزع ورهبة لحظات الموت المخيفة التى يقولون عنها.. فقط أدركت فى عمق نفسى أننى انتهيت من هذه الدنيا، وغادرتها أخيرًا.
وحلمت أننى من سقف حجرة النوم رأيت نفسى وأنا ميت، شاهدت جسدى راقدًا فى سلام وبلا حراك، لكن لم تكن فى هذا الجسد آلام، ولم تكن فى عينى دموع.. شعرت بأننى وحيد، لكن بلا خوف.
وأحسست بمن حولى وقد أدركوا وفاتى وكأنهم مثلى قد استسلموا لحقيقة الموت، كانوا يتحركون فى حزن حقيقى لكنهم كانوا يتحركون ويتحدثون، الآن ماذا سيفعلون؟
ودهشت من موتى فى هدوء، فرحت لأننى لم أتألم لكنى فوجئت بإحساس السكينة والأمان الذى غمرنى، هل الموت لطيف هكذا؟ وكيف أن مغادرة الدنيا فى لحظات خاطفة لم تخلف فى نفسى حسرة عليها، وعلى ما فيها ومن فيها؟
وفكرت وأنا ميت فى أن الرحيل عن هذه الحياة، وعن الناس والأحباء والأصدقاء، وعن كل ما تعودته وتعلقت به فى دنياى سهل ويسير وبسيط، كما لم أكن أظن أبدًا، وأن الاستسلام للموت أسهل من التشبث بالحياة!
ما رأيت إنسانًا يموت أو يحتضر أمام عينى، ما شاهدت تلك اللحظات الرهيبة يعيشها آخرون، لكنى فى الحلم عشت الموت، ولم أشعر له بقسوة أو شدة، أو أننى اعتقدت فى منامى أن هذا هو الموت، بينما هو شىء آخر.
وقبل سنوات سقطت فاقدًا لوعى على أرض غريبة، ورأيت دمائى تنزف وروحى تنسحب منى، بل رأيت بعين الخائف جسدى يحملونه فى نعش حديدى إلى الوطن.. فى تلك اللحظات اجتاحنى ذعر عميق لم ينته إلا حين سلمت أمرى إلى الله، ونطقت الشهادة، وتقبلت فكرة الموت، فشعرت بالسلام يسرى فى نفسى، لكن إرادة ربى شاءت ألا أموت لحظتها، وأن موعدى الأخير لم يحن بعد، لكنه قادم لا محالة فى السنة والشهر واليوم والساعة واللحظة التى حددها الذى خلقنى!
حلمت أو لم أحلم، مت أو هكذا ظننت، لكنى الآن مقتنع بأن ربى الذى جاء بى إلى هذه الدنيا، وكان الأرحم بى طوال عمرى، أبدًا لن يخذلنى، حاشا لله، وأنه سيكون معى لحظة موتى، رحيمًا كما تكون الرحمة، رؤوفًا كأصل الرأفة.. سيكون معى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة