منذ أيام أعلن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى عن رفضه التصديق على الموازنة العامة التى قدمتها الحكومة، وطالبها بإعادة مراجعة مشروع الموازنة العامة للدولة عن العام المالى «2014 - 2015» بسبب الارتفاع الكبير فى العجز، حيث بلغ حجم الإنفاق العام بمشروع الموازنة العامة نحو 807 مليارات جنيه بزيادة نحو 65 مليار جنيه على الموازنة المعدلة للعام المالى الحالى، أى بنسبة نمو تقارب الـ12 بالمئة. ولم يكتف الرئيس برفضه الموازنة وإعادتها للحكومة، بل اتخذ على عاتقه البدء فى مبادرة لجمع التبرعات من أجل محاولة سد ولو نسبة من هذا العجز، مشيرًا إلى أنه من الصعب الاعتماد على مساعدات الأشقاء العرب، مستخدمًا تعبير «بلاش نحرج نفسنا ونحرج الناس أكتر من كده»، وفعلًا الرئيس عنده حق فى استخدام هذه العبارات لتعبر تعبيرًا صحيحًا عن الموقف. وقد بدأ بنفسه بالفعل، وأعلن عن تبرعه بنصف راتبه ونصف ما ورثه عن أبيه، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن مبادرة الرئيس هى مبادرة غير مسبوقة، وتنم عن منتهى الإيجابية والإيثار، تلك الكلمة التى استخدمها الرئيس، والتى أعتقد أننا لم نسمعها من قبل فى أى خطاب سياسى أو نخبوى. وأعلم جيدًا أن الكلمة التى ألقاها الرئيس لم تكن معدة من قبل، وأنه ارتجل هذه الكلمة فى ختام تخريج دفع الكليات العسكرية، ولكن هذه المبادرة من الرئيس كانت تحتاج حديثًا عن آلية التطبيق على أرض الواقع، ولو فى بيان صحفى يخرج عن مؤسسة الرئاسة بعد الكلمة مباشرة، ولا يخرج من أى جهة أخرى، يوضح فيه ثلاثة أشياء غاية فى الأهمية:
أولا : ما مصير التبرعات التى جمعت من قبل فى صندوق 306306 وغيرها من الصناديق؟ هل استفادت منها الدولة بشكل مباشر؟
ثانيا: ما آلية جمع التبرعات الجديدة؟، والتى أرى أنه كان يجب على الرئيس أو الرئاسة إعلانها بعد الكلمة مباشرة، وقد أعلنت بالفعل من البنك المركزى، ولكن وقعها سيكون أفضل كثيرًا لو خرجت من مؤسسة الرئاسة وقتها.
ثالثا: ما معايير المصداقية والشفافية التى سوف يتم التعامل بها من خلال الصندوق الجديد من عمليات إيداع وأوجه صرف وجدول زمنى؟
أقول ذلك لأنها المرة الثانية التى أخشى أن تكون مجرد مبادرات تفتقد جدوى التطبيق الفعلى، فقد لحق مبادرة الرئيس فيضان من المكالمات الهاتفية للتبرع من خلال برامج التوك شو لا نعرف لها أى مصداقية، منهم من أنكر لاحقًا ومنهم من لم يعقب، وكأن مبادرة الرئيس تحاولت إلى فرح لجمع النقطة من برامج التوك شو، وكأن الهدف من المبادرة أن يذكر اسمك إعلاميا أنك تبرعت، ولا ندرى هل هذه الأموال جمعت بالفعل أم أنها انتهت بغلق الهاتف؟!
ولكن لإحقاق الحق، هناك القليل من رجال أعمال والشخصيات العامة التى انتقدت هذه الآلية، وصرحت بأن الذى يريد أن يتبرع فليتبرع بصمت، ولا يتاجر بما يقدمه من أجل بلده، وشعرت وقتها بأن مصر بخير، وفيها المحترمون حتى لو كانوا قلائل.
أما عن المرة الأولى التى أقصدها، فكانت من خلال مبادرة الرئيس أن نذهب إلى العمل سيرًا على الأقدام أو عن طريق قيادة الدراجات لمسافة تتراوح بين 20 أو 30 كيلو، وهى متوسط المسافة التى يقطعها تقريبًا المواطن من أجل أن يصل إلى عمله، فقد أشار الرئيس إلى أن استخدامنا السيارة يكلف المواطن 8 جنيهات والدولة 16 جنيها، ذهابًا وإيابًا، وأن هذه المبادرة ستجعلنا نوفر للدولة الـ 16 جنيها التى تتكلفها يوميًا للمواطن الواحد. خرجت المبادرة بالأرقام، وهناك من استجاب للمبادرة سواء بشراء الدراجات أو بتعلم قيادتها، لكن للأسف لن يذهب بها للعمل، ولن يتمكن أن يوفر مليمًا للدولة لأنه تجاهل أن التطبيق يعد دربًا من دروب الخيال، فأين الشوارع المؤهلة لقيادة الدراجات؟، أين الجراج المخصص للدراجات؟، أين حارات السير المخصصة للدراجات؟.
وأخيرًا، التبرع وحده شىء عظيم وإيجابى، لكنه لا يكفى، ولابد أن يتم العمل على محور آخر بالتوازى، وهو المحور الاقتصادى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Hamada
أكيد
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
الاخوان جماعة ارهابية
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي محمد حسنين
المؤامرة
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed mustafa
نفاق وتلون
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed shlabyzizo
لا تحاكموا إلا أنفسكم