طيلة أعوام مضت ذهب المحدثون لصك المصطلحات وتفسيرها بما يتفق مع أفكارهم ومنظورهم للمجتمع المحيط بهم أو مجتمع نطاق التأثر والتأثير ولعل من أبرز ما نوقش خلال ما يزيد قليلا على مدار عشر سنين مضت، هو مصطلحات تتعلق بالإسلام ومفهومه بل وكيفية تعامله مع شتى القضايا ومناحى الحياة ولا شك أن هذه المناقشات أو حتى المعارك الفكرية إن شئت أن تسميها هكذا كانت قد طفت على السطح فى أكثر من موضع زمنى خلال القرن العشرين نظرا لصعود ما أطلق عليه مفكرو الغرب «التيارات الأوصولية» «Fundamental streams» وهى التسمية التى ترضى الغرب أن أراد لهم دعما وإتاحة مساحة فكرية لهم على صعيد المعترك الفكرى المقبول على سبيل أنهم يمثلون الأصول الجذرية لأفكار الإسلام أما فى فترات الاحتدام أو الخلاف أو قل خروج هذه التيارات عن المساحة المخصصة لهم فيبدأ إطلاق مصطلح «المتطرفين» «Extremists» وعند وصول الخلاف لأشده حتى مراحل استخدام العنف - يبتعد الكاتب هنا عن نظرية المؤامرة والاتفاقات المسبقة بين أجهزة غربية وهذه التيارات - يتم إطلاق مصطلح «الإرهابيين» «Terrorists»، هكذا نرى كيف تساق المصطلحات بتكرار لا رتابة فيه وإنما بمنهجية ملحوظة لتكريس فكرة ما فى عقل المتلقى وهو ما يحاول الكاتب هنا أن يكسره بشىء من السرد الواقعى لما حاق بعقل المتلقى « المسلم - المسلم « و» المسيحى - المسلم « والمقصود هنا مسيحى الديانة والقلب والروح إلا أنه وبحكم النشأة فى ظل مجتمع أغلبيته من المسلمين صار مشبعا بالثقافة والتراث الإسلامى وهو أمر يعد من حسان الأمور، فهذا العقل للمتلقين اعتاد خطابا دينيا رتيبا عن الإسلام فتجد دروس القراءة واللغة العربية تتحدث بجملة واحدة لا شرح فيها ولا دليل عن المرأة فى الإسلام «لقد كرم الإسلام المرأة ووضعها فى أعلى المراتب» وهنا يتوقف الكلام ولا يجد المتلقى صغير السن دليلا على كلام واضع السطر وعند وصول المتلقى إلى مرحلة عمرية أكثر تقدما لا يجد أمامه من متاحات الشروح ورائجات الأدلة ما يفيد تكريم الإسلام للمرأة غير سطر آخر «كان النبى صلى الله عليه وسلم يحب زوجاته كثيرا ويحترمهن»، كيف إذن يستطيع هذا المتلقى أن يتعامل مع المرأة بوصفها كيانا لا يقل عنه بل أحيانا يزيد؟ وكيف يصل إلى مرحلة اليقين بأنها تستطيع الإدارة والوزارة والولاية؟! فحتى هؤلاء الذين يرفعون بيارق ما يطلق عليه الإسلام السياسى لم يفلحوا فى تصدير صورة واقعية عن حجم وأهمية المرأة فى الدولة عندما حكمها المسلمون ويمتد هنا خط التعجب على استقامته ليصل قديما إلى دولة الخلافة الراشدة وزمن أمير المؤمنين الخليفة العادل «الفاروق» عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه وهو الذى عرف بشدته فى الإسلام وعدم تهاونه فى الحقوق وهو الذى ناقش الرسول «ص» فى صلاة من وقع تحت تأثير الخمر وغيرها من الأمور التى صارت فيما بعد قواعد أو مكروهات، عرف عن هذا العادل تشدده ولم يروج لذكائه الإدارى والسياسى فهو الذى أقام أركان الدولة بحق وأنشأ نظام الدواوين بعدما نقله عن دولة بلاد فارس، ونظم عمل بيت المال.. إلخ إلا أنه هو الذى أنشأ وزارة للتجارة الداخلية فى الدولة ويرى البعض أنه أول من وصل إلى هذا المبتكر الإدارى إن صح التعبير ووضع ضوابط لحماية المستهلك من غلاء الأسعار وجشع التجار فلم يترك السوق حرا فى فوضى ولا حكمه بإجبار وإنما وضع عليها عاملا أو لأجل الدقة وضع عليه عاملة هى «ليلى بنت عبدالله القرشية» ويقال لها «الشفاء بنت عبدالله» فقد كانت تعالج وترقى المرضى قبل إسلامها فعرفت باسم الشفاء ولما أسلمت فى مكة قبل الهجرة ذهبت لرسول الله تسأله عن جواز رقيتها فأجاز لها وطلب منها أن تعلم «حفص» ولما هاجرت «الشفاء» استمرت فى عملها هذا وزادت عليه أن ذهبت لتعليم الناس القراءة والكتابة وتحفظهم القرآن وتنقل بهم عن الرسول الكريم فكانت أولى طبيبات الإسلام ومعلماته وعرف عنها حبها للعلم والمعرفة كما عرفت بقوة شخصيتها وشدة بأسها وفى يوم كان «عمر» يمر بالسوق فوجد تاجرا يبيع بسعر عالٍ مبالغ فيه ولما سأله عن سبب ذلك أجابه الرجل بأنه يحاول تعويض خسارة سابقة فغضب «عمر» وصارحه بأنه لم يخسر فى تجارته وإنما باع بسعر ضمن له مكسب معقول نظرا لكثرة المعروض فلما قل المعروض بالغ الرجل فى أسعاره ليضاعف من ربحه فى وقت قصير، وشرح عمر للتاجر أن فى هذا طمع وظلم للعباد، ثم وجد الشفاء تجول بالسوق فسألها ما حكمك على هذا الرجل، فأجابت بأن يرد التاجر الفروق لكل من باعهم فإن لم يستطع فليضع الفروق فى بيت المال وأن يبيع بالسعر القديم تيسيرا على الناس طالما أنه لا يخسر وله جزاء الخير من عند الله.. هنا طلب «عمر من الشفاء» أن تصير مسؤولة عن السوق وضبط أسعاره وموازينه ومكاييله فصارت فى موقعها أو وزير للتجارة الداخلية وحماية المستهلك فى العالم، وثق عمر فى سيدة لما وجده فيها من عقل وعلم وحكمة ولأنه وعى كيف أعطى الإسلام المرأة كافة الحقوق وألزمها بالواجبات وكرمها ولم يحط من قدرها ولكن يحضر الكاتب سؤال يطرق الذهن: لم نقرأ هذه القصة فى دروسنا صغارا ولم يقصها علينا معلمونا فى المدارس والبيوت لنعلم عظمة هذا الدين الذى وجد لصلاح الدنيا لا للترهيب من الآخرة، فعند الحديث عن أهمية دور المرأة فى السياسة والمجتمع لا يجد الكاتب سوى كلام عن المرأة وكيف ساهمت فى الثورة، وهو حديث من واقع مجتزأ فلها فى التاريخ الحديد دور لا يغفل وعند الحديث عنها بوجهة نظر دينية يختتم الكلام بعبارة الرسول «رفقا بالقوارير» فى إشارة لضعف الكيان الأنثوى وفى اجتزاء فلسفة المصطفى التى رفعت المرأة لأعلى الدرجات فكانت مستشاره السياسى الأول «السيدة خديجة»، عزيزتى القارئة علمى زوجك وابنك وأخاك أنهم لولا وجودك ما كانوا وأنك أصل شجرة الحياة وأن الإسلام الذى روج له البعض بوصفه دين كبت وإذلال للمرأة فإنما هو دين تمكين ورفعة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ليلى همام
كلام كله فزلكة وفهلوة وعدم اهتمام واستهتار بالفكر الاعلامى الاكاديمى المدروس
**********************
عدد الردود 0
بواسطة:
رضاك ياالله
الإسلام أعطى للمرأة مكانة عظيمة