حكومة المهندس إبراهيم محلب إذا لم تتعلم من درس الأزمة الحالية وارتفاع أسعار الوقود، وتحالف مافيا الميكروباص - أو المشروع كما يطلق عليه أهل اسكندرية أو السرفيس فى الوجه البحرى- فسوف تعجز عن مواجهة هذه المافيا التى استفحلت وتوحشت بشكل لافت، وخاصة فى السنوات الثلاث الماضية، وسيطرت على الشارع بأخلاقياتها وسلوكياتها البشعة، وأزماتها المرورية، والفوضى التى أحدثتها فى الشارع المصرى على طول البلاد وعرضها، دون خوف من سلطة دولة، أو رادع أخلاقى ونفسى. ظاهرة الميكروباص تنفرد بها مصر مع دول قليلة أخرى فى العالم الثالث عن باقى دول العالم، التى لم تسمح بتفشى هذه الظاهرة غير الإنسانية وغير الحضارية فى مدنها وشوارعها. المحصلة النهائية لتجربة الميكروباص فى مصر منذ الموافقة على تسييره كوسيلة نقل جماعى للأفراد فى السبعينيات غير إيجابية بالمرة ،بل ساهمت فى خلق أزمة مرورية مازلنا نعانى منها إلى الآن، وفرضت سلوكيات وأخلاقيات هابطة، لا تتناسب وطبيعة المجتمع المصرى. وظنت مافيا الميكروباص أنها فوق القانون لأن ملاك السيارات من ذوى السلطة فى وزارة الداخلية- أو هكذا كان ومازال يشاع – فشاعت الفوضى فى الشارع بجميع أشكالها، وعجزت الحكومات السابقة عن مواجهة هذه الظاهرة التى احتلت كل شبر فى مصر مع تراجع مستوى الخدمة فى وسائل النقل الحكومى على عكس ما يحدث فى الدول المتحضرة.
حكومة المهندس محلب أمامها فرصة ذهبية الآن لخوض معركة مافيا الميكروباصات ومعها التوكتوك للقضاء عليها وإحكام قبضتها عليها وتقنينها، والبدء عمليا وعلى الفور فى دراسة إنشاء شبكة مواصلات عامة لائقة بالمواطنين فى مصر، يتم من خلالها تسيير الحافلات الكبيرة والصغيرة أى الأتوبيسات والمينى باص الذى اختفى دون سابق إنذار. لدينا الخبرات والعقول فى الداخل والخارج التى يمكن الاستعانة بها فى البدء فى تنفيذ شبكة المواصلات العامة براً وبحراً – أى تأهيل المواصلات النيلية - وتوظيف جميع الإمكانات للتخفيف على المواطنين، وفى اعتقادى أن الانتصار فى معركة الميكروباص سيكون البداية الحقيقية لفرض هيبة دولة القانون وإعادة الانضباط للشارع المصرى، وبدء وضع حلول عملية وفاعلة لأزمة المرور وخاصة فى القاهرة الكبرى والعاصمة المنهكة التى تحولت إلى عاصمة للعشوائيات.
على الحكومة انتهاز الفرصة الذهبية قبل أن تضيع، فقد اتخذت أصعب القرارات فى زيادة أسعار الوقود، وبالتالى لن تعجز عن حسم معركة الميكروباص.