ناصر عراق

ممنوع الضحك يا امرأة.. بأوامر عليا!

الجمعة، 01 أغسطس 2014 08:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«لا ينبغى على النساء الضحك بصوت عال، أو التحدث عن مسائل تافهة على الهاتف فى الأماكن العامة». هذا ما قاله مؤخرًا نائب رئيس الوزراء التركى بولند أرينج فى كلمة له عن «الفساد الأخلاقى»، وعلى الفور احتجت النساء التركيات واحتشدن وهن مدججات بأسلحة التكنولوجيا مدشنات «هاشتاج» تحت عنوان «قهقهة/ kahkaha» كما ذكر موقع «اليوم السابع» أمس الخميس 31 يوليو.

اللافت للانتباه أن الفساد الأخلاقى مقترن دومًا بالمرأة عند المسؤولين – والرجال عمومًا - فى دول العالم الثالث، أو بتعبير أدق فى الدول التى تقطنها أغلبية مسلمة، على اعتبار أن المرأة هى جوهر الفساد ومصيبته الدائمة كما يزعم هؤلاء المسؤولون أو المتاجرون بديننا الإسلامى الحنيف، ولا يتحدث أولئك وهؤلاء أبدًا عن فساد الأنظمة السياسية أو فساد الحكام أو الفساد الإدارى، وهذه المنظومة البائسة من الفساد هى التى جعلت كل الدول الإسلامية تقريبًا محرومة من نعمة التطور الحديث!

انظر حولك.. ستكتشف أننا نحن المسلمون لم نخترع شيئا ذا بال منذ أكثر من ستة قرون، أى منذ سقوط الأندلس فى سنة 1492 بكل أسف، وأننا أصبحنا عالة على الحضارة الحديثة نستهلك فواكه التكنولوجيا التى يبتكرها الغرب، فكل ما تستعمله حضرتك يوميًا من اختراع أوروبا وأمريكا، من أول السيارة والقطار والطائرة حتى التليفزيون والكمبيوتر والموبايل إلى آخره، بينما نحن المسلمون منهمكون فى قضايا وهمية، ومنشغلون بصراعات حول الخرافات والأكاذيب باسم الدين، ومرتعبون من النساء، فإذا ضحكت فتاة بصوت عال فهذه عاهرة أو قليلة الأدب فى أفضل الأحوال، وإذا حاولت المشاركة فى مظاهرة ضد البطش أو النهب، فهذه منحلة لم تتلق التربية الصحيحة، وإذا كتبت عن مشاعرها الخاصة فى قصيدة أو رواية، فهى امرأة عديمة الحياء!

هكذا نحن العرب والمسلمون.. لا ننشغل بالعلم والفكر والصناعة والابتكار بقدر انشغالنا بالمرأة وصوتها وملابسها وضحكاتها، ثم نندب حظنا.. لماذا نحن متخلفون؟ لماذا نستورد كل احتياجاتنا؟ لماذا نحن مطمع للقوى الكبرى؟ لماذا تُحتل بلادنا على الدوام؟ لماذا تدك إسرائيل غزة وتقتل الفلسطينيين ونحن عاجزون؟ لماذا صرنا ألعوبة فى يد الدول العظمى؟
لن يفهم نائب رئيس الوزراء التركى أبدًا أن «الضحك خبز القلب» كما قال الشاعر الرائد صلاح عبدالصبور فى مسرحيته البديعة «الأميرة تنتظر»، ولن يعرف بولند أرينج أن الدول التى تمنع نساءها من الضحك محكوم عليها بالاكتئاب والتخلف الحضارى «هل سمعت أن انجلترا أو فرنسا أو أمريكا أو ألمانيا وبّخت النساء وأدانتهن لأنهن يضحكن بصوت عال؟».
للأسف لن يعى حكامنا ورجالنا أن ترصّد المرأة ومراقبتها وتعنيفها ومحاسبتها على ملابسها وابتسامتها وهمسها وحديثها وضحكها.. كل هذه أمور تعطل المجتمع عن العمل والفكر والابتكار، وأن المسلمين سيظلون عالة على الحضارة الحديثة حتى يعترفوا بحق المرأة فى كل شيء مثل الرجل.. حتى فى الضحك!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة