قضايا هامشية وأمور «تافهة» يمكن أن تشغل الرأى العام عن قضايا أهم وأكبر، وتطغى بتأثيرها الإعلامى على تأثير أى مشروعات قومية كبرى.
شيوخ الفتنة وشيوخ الجهالة مازال لهم بريق خاص، وتأثير طاغٍ فى المجتمع المصرى، ولم يعد هناك فارق كبير فى درجة الاهتمام بهؤلاء الشيوخ بين الشرائح الاجتماعية والفكرية المختلفة، مثقفين وغيرهم. الفتاوى الدينية الأخيرة التى تثار فى توقيتات مقصودة ومتعمدة أحيانًا تكشف الأزمة التى مازال يعيشها المجتمع المصرى، والاستغراق فى قضايا تثير الفُرقة والفتنة، فى وقت نحتاج فيه جميعًا إلى التوحد والاصطفاف الوطنى.
وأراهن أن فتاوى شيوخ الفضائيات والميادين العامة هناك من يدفعهم دفعًا لشغل المصريين فى هذا التوقيت بالذات عن مشروعهم القومى الجديد فى قناة السويس، والذى يحلم المصريون بأن تتحول حياتهم مع إنجازه إلى الأفضل، وتصبح معه مصر منطقة تجارية وصناعية عالمية كبرى.
فخلال الأيام القليلة الماضية، وبتزامن مثير للريبة مع إعلان تدشين مشروع قناة السويس الجديدة، خرج عدد من شيوخ الغيبوبة والتخلف بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، لإلهاء الناس عن مشروع القرن فى مصر والاهتمام به، فأفتى أحدهم بجواز النظر إلى الخطيبة وهى تستحم وتقضى حاجتها فى الحمام! وأثار الآخر قضية خلافية قديمة حول صحيح البخارى، ووصفه بـ «المسخرة». ولم يكذب الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى خبرًا، واشتعلت بالاهتمام لفتاوى شيوخ الجهالة والفتنة لجذب عقل المجتمع إلى الماضى المشحون بالتناقضات والالتباسات والخلافات الفقهية والسياسية منذ زمن الفتنة الكبرى.
المسألة ليست بريئة، ولا تخلو من رائحة «مؤامرة»- سواء بقصد أو بنية حسنة- على المشروع القومى لحفر قناة السويس الجديدة، يعاقب عليها من يتورط فيها ويسير بوعى أو لا وعى فى ركابها، وهو ما حذر منه الرئيس السيسى وتوقعه، وهو ما لم يَرُق للبعض عندما تحدث عن الدور الخطير والحيوى للإعلام فى مساندة ودعم الدولة، خاصة فى مرحلة تدشين المشروعات القومية الكبرى، وهو ما عبّر عنه الرئيس فى تدشين المشروع الأسبوع الماضى فى عبارته عن الإعلام بكل أطيافه
الذى ساند وأيد ودعم عبدالناصر فى بناء السد العالى، وتحويل مجرى النيل، وبناء المشاريع الكبرى. هناك أزمة حقيقية فى توجهات الإعلام المصرى وأولوياته، وهو ما يستغله ذوو النفوس المريضة لإلهاء الشعب عن حلمه القومى فى بناء مستقبله.