ما هذا الذى يحدث فى العراق؟ ولماذا هذه الهجمة التترية المغولية المتخلفة التى تجتاح الأقليات الدينية فى العراق مثل المسيحيين والإيزيديين؟ وما علاقة التهجير والحرق وقطع الرؤوس لهذه الأقليات إذا لم يعلنوا إسلامهم بالدين الإسلامى وبمقاصده العليا؟ وهل هذه السلوكيات وتلك الممارسات يجيزها الإسلام وتصب فى مصلحته؟ وما علاقة كل هذا بالفوضى التى أعلنتها أمريكا عام 2004 على لسان كونداليزا رايس فى القاهرة بعد احتلال العراق؟ وهل هناك ربط بين ما يحدث فى العراق وفى منطقة الشرق الأوسط الآن بنظرية صراع الحضارات؟ بداية.. نعم هناك ظواهر يمكن أن تكون سببا لما يحدث فى العراق نتيجة للحكم الطائفى الشيعى الذى أذل السنة بشكل غير مسبوق.. ولكن ما علاقة هذا بما يمارسه داعش فى حق المسيحيين وباقى الأقليات الدينية الأخرى؟ حتى أن داعش قد سيطرت على مجمل البلدات المسيحية فى الموصل، وأخلت الكنائس وأنزلت الصلبان منها، وحرقت أكثر من 1500 وثيقة تاريخية بها، الشىء الذى أجبر مئات الآلاف من المسيحيين والإيزيديين وغيرهم على الهروب حتى وصل عدد الهاربين إلى كردستان إلى حوالى مليون وربع المليون، ناهيك عن قتل المئات، وقطع رؤوسهم واللعب بها فى مشهد لا علاقة له بأى دين ولا يعرف أى قيمة إنسانية، والغريب والعجيب أن كل هذا يحدث تحت اسم الإسلام، وهنا يصبح السؤال الحتمى أين أمريكا رائدة الديمقراطية وحامية حقوق الإنسان التى احتلت العراق وسحقته بحجة نشر هذه الديمقراطية؟ أين حديث أمريكا عن حقوق وحماية الأقليات فى مصر وفى المنطقة والعالم؟ فمنذ ظهور داعش أعلن أوباما عن إرسال طائرات ومستشارين وإمكانية القيام بعملية عسكرية ضد داعش ولم يحدث شىء، حتى أننا نرى الأسلوب الداعشى يجتاح العراق وسوريا ولبنان «عرسال» وليبيا، بل المغرب العربى، وبالطبع فالاستهداف الأساسى الآن حسب واقع المنطقة هو مصر وجيشها الوطنى، وهنا يكون الجواب الطبيعى هو أن هذه الفوضى التى تجتاح المنطقة لتقسيمها وتفتيتها حسب المخططات المعلنة وغير السرية وهى مخططات صهيوأمريكية تتم الآن على قدم وساق، ولكن للأسف الشديد فهذه الفوضى تأتى على يد أبناء المنطقة نتيجة لاختراق واستثمار قضايا ومشاكل داخلية ومحلية، وهنا تكون الخطة التآمرية الأمريكية لنشر الفوضى غير الخلاقة تتحقق على أرض الواقع، ولكن - وهذا هو الأهم - فى ذات الوقت تؤكد وتطبق نظرية ما يسمى بصراع الحضارات، بل قل صراع الأديان، هذه النظرية التى اعتمدت على تقسيم العالم إلى صراع بين المسيحية واليهودية فى جانب ضد الإسلام وبعض ديانات آسيا الوضعية، ولهذا ليس من الغريب أن نجد أمريكا وغيرها من دول الغرب تربى وتساعد وتساند تلك الجماعات التى ترفع اسم الإسلام، وهى فى ذات الوقت تصب سلوكياتها وأفعالها فى غير صالح الإسلام، بل يتم رصد هذه الأفعال من جانب هذه الدول حتى يتم استغلالها فى الوقت المناسب لمحاربة الإسلام ذاته تطبيقا لهذه النظرية، وهنا نقول أين العرب وأين المسلمون وأين المؤسسات الدينية؟ ألا يعلم الجميع أن هذا مخطط ضد الإسلام فى المقام الأول؟ وأن روح الإسلام السمحة ومقاصده العليا الحقيقية التى تدعو إلى التعايش السلمى وقبول الآخر تدعو إلى التعارف والتعاون والتسامح الدينى والمشاركة فى البناء لصالح عمارة الأرض، والدليل ذلك التعايش والمعايشة والمشاركة فى بناء الحضارة الإسلامية بين المسلمين والمسيحيين العرب منذ دخول الإسلام، مع العلم أن الدعوة لاستقبال مسيحيى الموصل فى فرنسا وغيرها هو مكمن الخطر فهو خضوع لما يحدث، ولكن الحل هو بقاؤهم وحمايتهم داخل وطنهم العراق، ولا طريق غير التوحد والاصطفاف حتى نحمى أوطاننا.