لا تتعجب من العنوان فهذه هى الحقيقة التى صفعتنا مع خطاب مبارك أمام المحكمة والتى حاولنا إنكارها وتحديها منذ أن كانت ثورة 25 يناير جنينا فى رحم الوطن يتحفز للميلاد والخروج إلى النور بعد الثورة التونسية التى زرعت بذور الربيع العربى قبل أن يصبح خريفا وهشيما تذروه الرياح.
حينها خرجت علينا نفس الوجوه التى تملأ الدنيا اليوم كذبا واتهاما للثورة البريئة تصرخ محاولة إجهاض الثورة قبل أن تولد ورفعت جميعها شعارات "مصر مش تونس" لتدافع عن مبارك ونظامه وتؤكد أن الثورة لا يمكن أن تحدث فى مصر وأن مبارك أبونا وأنه الرئيس وأن الثائرين فى التحرير قلة مندسة ومتآمرة ومجموعات منحرفة تمارس كل ألوان الفساد والفحشاء.
هكذا قالوا وقتها عن أطهر ما فى هذا الوطن عن شهداء رسموا حلم الحرية بدمائهم عن شباب تحدى الظلم وحمل روحه على يديه ليهديها لنا.. لمستقبل كان يأمل أن يكون جميلا حتى وإن غاب عنه وكانت حياته ثمنا لهذا المستقبل الذى لن يعيشه, وهكذا يقولون عنه الآن وهم يصفون الثورة البريئة بأنها مؤامرة, وهكذا تضيع البراءة حين يظهر الشياطين بأقنعة الملائكة وحين يصبح الضحايا والشرفاء والأطهار مجرمين ومتآمرين على الوطن وحين يظهر علينا مبارك ووزير داخليته العادلى فى آخر المشهد بعد ثلاث سنوات فى أبهى صورهم يحاكمون الثورة من مقر محاكمتهم, يتهمونها بالمؤامرة ويرون أن شبابها وشهداءها بلطجية وخارجين عن القانون.
ليس هذا فحسب بل تملأ الشاشات أبواقهم الإعلامية التى انزوت قليلا بعد فرحة الشعب ووهمه بنجاح ثورته لتظهر اليوم أشد قوة وتبجحا تكرر نفس ما كانت تقوله وقت أن كانت تسيل دماء الأطهار فى التحرير بينما هم يستميتون لتثبيت حكم مبارك.
لم يهرب مبارك وقتها لم يفعل كما فعل "زين العابدين بن على" لأنه كان واثقا بأن "مصر مش تونس" وأنه أقوى من "بن على" ومن "القذافى", فلن يهرب ولن يقع فى يد الثوار ولن يلق مصير أى منهما, فهو الأقوى الذى لم يفقد نظامه!!.
مبارك كان أذكى منا جميعا, كان يدرك حينها أنه سيصل لهذه اللحظة التى وقف فيها فخورا أمام الكاميرات يخطب ويتحدث كرئيس يتباهى بتاريخه وبما وصل إليه حال الثورة والثوار, يتحدث عن بطولاته بينما يملأ المشهد وجوه عفنة وأصوات غربان تكيل الاتهامات للثورة وتصفها بالمؤامرة وتغرس أنيابها فى الثوار وأجساد الشهداء.
مبارك ونظامه كانوا أكثر ذكاء واتحادا لذلك نجحوا وحققوا أهدافهم, ووقفوا ليتفاخروا بأن "مبارك رئيس" وأن "مصر مش تونس", بينما تبعثر الثوار, وانزوى أصحاب الأحلام البريئة وتركوا الساحة للأفاقين والكاذبين, فأصبح الكذب كائنا حيا بيننا يتوحش وينمو ويكبر ويلتهم كل الأحلام البريئة أو يحولها إلى كوابيس لتصفعنا فى النهاية الحقيقة التى أرادها مبارك ونظامه وهى أن "مبارك رئيس ومصر مش تونس".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبيد
مقال رائع
مقال رائع ومختصر مفيد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبيد
مقال رائع
مقال رائع ومختصر مفيد
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الأحلام البريئة التهمت سوريا و ليبيا و اليمن و غيرها من الدول التى أصبح الآن للأسف مواطنوها لاجئون