فى يوم 23 يونيو الماضى قبل ساعات من انعقاد هيئة المجلس الأعلى للثقافة لاختيار الفائزين بجوائز الدولة كان الدكتور «سعيد توفيق» قد تقدم باستقالته للدكتور «جابر عصفور» وزير الثقافة الجديد، الذى عينه رئيس الوزراء «محلب»، وقال «سعيد توفيق» فى استقالته موجها حديثه للوزير بالطبع: «لا أرغب فى العمل تحت رئاستكم بصفتى نائبًا لكم، وأعلن استقالتى من جميع قطاعات الوزارة»، وأرجع توفيق أسباب استقالته إلى الحملة التى شنها «عصفور» على المجلس، ووصفها بحملة تفتيش «مسرحية»، حيث قدم عصفور فى وقت مبكر إلى المجلس الأعلى للثقافة، واتجه إلى دورات المياه وغضب لعدم نظافتها، وقام على إثرها بنقل مدير مكتب توفيق دون علمه، وأضاف توفيق متعجبًا: «أدهشنى أن تكون أول مهام وزير الثقافة هى متابعة شؤون الصرف الصحى بالمجلس»، لكن وزير الثقافة الجديد الذى عينه «محلب» رئيس الوزراء قال معلقا على الاستقالة: «إن الدكتور سعيد توفيق، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، ليس من حقه أن يتقدم بالاستقالة، لأنه منتدب من جامعة القاهرة، لكن من حقه أن يتقدم بإلغاء انتدابه، وأنه بالفعل قد تم إلغاء انتدابه». لكن فى حقيقة الأمر أنه من أبرز أسباب استقالة الدكتور «سعيد توفيق» هو قيام الوزير «جابر عصفور» بتغيير لائحة جائزة الدولة، والتى وضعها «سعيد توفيق» خلال السنة الماضية، مما دفعه إلى القول للوزير: «أصبحت على يقين أنكم لا تريدون لأى إنجاز حقيقى بالظهور باسم أحد غيركم، فالوزارة الجديدة نظام شكلى يستخدم أدوات نظام الإخوان، وهى إقصاء الآخرين المختلفين معهم، وتمكين الأتباع والموالين، ومحاولة تشويه الشرفاء بكل السبل الممكنة»، جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للتصويت على أسماء الحاصلين على جوائز الدولة، والتى تم توزيع نص الاستقالة فيها على الأعضاء المصوتين وسحبها بعد دقائق قليلة من توزيعها، بحجة أن الوزير لم يقرأها بعد، عندما اختير الدكتور «سعيد توفيق» أمينا للمجلس الأعلى للثقافة لم يكن يعرف أين يقع مقر الوزارة فى الزمالك، وظل على الهاتف مع وزير الثقافة «شاكر عبدالحميد» وهو يصف له الطريق للوصول لمبنى وزارة الثقافة، إلى أن وصل، هو أستاذ فلسفة كان رئيسا لقسم الفلسفة بجامعة القاهرة من 2009 إلى 2012، وكان قد استقال من منصبه كرئيس للمجلس الأعلى للثقافة فى عهد الإخوان، وعاد بعد الموجة الثانية لثورة 25 يناير المجيدة فى 30 يونيو، وبالرغم من عزوفى التام والدائم عن الكتابة بالخير عن أى مسؤول فى الحكومة، وبخاصة العاملون بالثقافة، فأنا كنت دائما سيئ النية وشريرا ولا أرى فى «المثقفين» من جل مسؤولى الحكومات إلا شرا ومعاونة الفاسد على فساده، فى مقابل تلقى الفتات الذى يلقى من القمة إلى ما دونه من مستويات متسلطنة على رقاب الخلق والعباد، غير أن الأمر بالنسبة لى اختلف بتولى الدكتور «شاكر عبدالحميد»، وزارة الثقافة، الذى قرر الاستعانة بالدكتور «سعيد توفيق» باختياره «الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة»، غير أن خيبة أملى فى الإصلاح الثقافى على الأقل قد حلّت علينا جميعا، وحلّت على كل أرجاء الوطن بتعيين ذلك الإخوانى المدعو «علاء عبدالعزيز» وزيرا للثقافة، مما كان السبب فى استقالة «سعيد توفيق»، لكن لطف الله أدركنا بعد الموجة الثانية للثورة المجيدة فى 30-6، فأعاد «صابر عرب» الدكتور «سعيد توفيق» أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، ليخرج هذه المرة فى عهد «جابر عصفور» عائدا لقسم الفلسفة فى كلية آداب القاهرة، خروجا بدون عودة، اللهم إلا إذا كانت هناك موجة ثالثة لثورة 25 يناير المجيدة.. على الأقل فى وزارة الثقافة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة