مثل كل الطغاة، لم ير حسنى مبارك أنه أجرم فى حق هذا الوطن، ومثل جميع الديكتاتوريين زعم أنه لم يكن طالب سلطة، بل الأقدار هى التى وضعته على كرسى العرش ثلاثين سنة! ومن منا قادر على رفض حكم القدر؟
لم أكن أتوقع غير ما قاله أمام القاضى، وقد تحدث الرجل وكأنه مازال ينعم بصولجان السلطة، إذ ألقى كلمة معدة مسبقا – كتبها له محاميه أو واحد من خلصائه - وارتدى ثوب الرئيس فى الأداء والإيقاع وصبغة الشعر حتى وإن كان محشورًا داخل البدلة الزرقاء للسجين!
اللافت أن مبارك وقف أمام القضاة مرات كثيرة، ولم يحاول أن يتحدث ولو لمرة واحدة، فلماذا قبل الكلام الآن؟ لا ريب عندى فى أن سلطة الإخوان – حكم مرسى لمدة عام – وجرائمهم هى التى شجعت مبارك – ومن قبله العادلى – ليغسل سمعته ويتبرأ من الجرائم التى ارتكبها نظامه طوال 18 يوما هى عمر ثورة يناير، إذ ألقى تبعة هذه الجرائم على شماعة الإخوان، وكأن الإخوان هم الذين قادوا سيارات الشرطة ودهسوا شباب المتظاهرين على الهواء مباشرة، وكأن الإخوان هم الذين ضللوا الناس فى الإعلام الرسمى.. تذكر ما كان يبثه التلفزيون من أكاذيب والمانشيتات المشبوهة للصحف القومية فى أثناء الثورة!
إن رجال مبارك وفلول الحزب الوطنى يبذلون جهدًا خارقا لتشويه ثورة يناير واعتبارها مؤامرة إخوانية، ولكنهم لن يدركوا أبدًا أن الشعب كله ثار ضد مبارك، لكن للأسف تمكن الإخوان بعد طرد مبارك من السطو على الثورة والسلطة، لأننا نحن المصريين لم ننظم أنفسنا فى أحزاب سياسية ثورية يمكنها استلام السلطة.
أما ما يثير الاشمئزاز فى دفاع مبارك عن نفسه ادعاءه بأنه ترك السلطة طواعية، وهو قول يقطر كذبًا، لأن المصريين أجبروه على ترك السلطة والفرار إلى شرم الشيخ بعد أن بلغ عدد المتظاهرين أكثر من عشرين مليون شاب ورجل وامرأة فى شوارع وميادين مصر كلها من أجل طرد الكابوس من حياتهم إلى الأبد.
باختصار.. مبارك ديكتاتور دمر مصر 30 سنة، فماذا تنتظر من ديكتاتور يرى نفسه ملاكًا؟