المؤتمر الصحفى الذى عقده بالقاهرة داريل عيسى عضو الكونجرس الأمريكى، يكشف الكثير من مناطق الصراع بين مؤسسات صنع القرار الأمريكية تجاه مصر، فالسيناتور الذى التقى الرئيس السيسى وعقد مؤتمره الصحفى على نيل القاهرة، يعلم جيداً ما انتهت إليه زيارة السيسى لموسكو من نجاحات على المستويات الاقتصادية والتعاون العسكرى، كما يعلم تصميم المصريين على النهوض من خلال مشروعات تنموية عملاقة، ويعلم أيضاً مدى تحالف ودعم الدول العربية الكبرى فى الخليج أو المغرب العربى للإدارة المصرية.
وبدون شك، يعلم داريل عيسى الخلاف الكبير والممتد بين البنتاجون والبيت الأبيض حول التعاطى مع ثورة 30 يونيو، ودعم النظام الجديد الذى اختاره الشعب، فبينما يميل أوباما وإدارته إلى التشبث بمشروع الشرق الأوسط الكبير، وتفتيت مصر والقوى العربية الكبرى فى المنطقة، انطلاقاً من «برنامج» أو تصميم نظرى عن المنطقة جنوب وشرق المتوسط، فإن البنتاجون يراعى مصالحه المباشرة على الأرض، ويخشى ضياع المميزات التى تحصل عليها القوات الأمريكية فى المنطقة نتيجة السياسات الخرقاء لأوباما.
لذلك ليس غريباً أن يعلن داريل عيسى فى القاهرة، أن الموازنة الأمريكية الجديدة والتى لابد أن يوافق عليها الكونجرس لإقرارها، تتضمن مليارا ونصف المليار دولار مساعدات عسكرية لمصر، ومليار دولار أخرى مساعدات غير عسكرية.
ليس ذلك فقط، فقد ذهب «عيسى» إلى أبعد نقطة فى تأييد ثورة 30 يونيو، ومخالفة البيت الأبيض وسياساته، عندما أعلن أن «داعش» و«الإخوان» يدمران خيارات الشعوب المتطلعة إلى الحرية، فى أول ربط أمريكى بين التنظيمين الإرهابيين، علماً بأن الطائرات الأمريكية تقصف معاقل أحدهما فى العراق.
أيضاً، أن يعلن داريل عيسى أن الرئيس السيسى مرحب به لزيارة الولايات المتحدة فى أى وقت، فذلك نوع من الترضية الأمريكية وما يشبه الاعتذار عن مواقف معاكسة سابقة، وإعلان واضح عن موقف جديد خلال المرحلة المقبلة.
هل تنعكس رسائل داريل عيسى على مجمل الموقف الأمريكى تجاه مصر والمنطقة خلال المرحلة المقبلة؟ هذا هو السؤال الذى قد تتأخر إجابته بفعل قوى المقاومة المتطرفة فى البيت الأبيض، والدعاية الموجهة من أجهزة المخابرات فى كبريات الصحف الأمريكية، والأوروبية.