فى نهاية سيرته الذاتية «إنها مجرد منفضة» كتب سميح القاسم «ها هو رمادك يتساقط فى منفضة العالم، منفضة الحياة الدنيا.. ها هو رمادك يتهاوى فى منفضتك وغلا، فماذا ظننت يا أخى وصديقى؟ ماذا ظننت دنياك أيها الإنسان الذى أراد أن يكون شاعرا، وأيها الشاعر الذى أراد أن يكون إنسانا؟.. ماذا ظننت؟ هل فاتك أن دنياك ليست سوى منفضة، بلى إنها منفضة، إنها مجرد منفضة»، رحل سميح القاسم أول أمس واخذ معاه زمن كان الشعراء الثوريون فيه مقنعين، وكان العدو واضحا، والذين يريدون تحرير فلسطين واضحين، منذ إطلاق رجاء النقاش عليه لقب شاعر الغضب الثورى، والقاسم الذى ولد لعائلة درزية يحث العرب على المقاومة، هو ابن الشعر الواضح البليغ الرنان الصادق، شعر المناصات الذى يجمع الناس على هدف كبير، وهو وفدوى طوقان وتوفيق زياد، جنود فى المعركة، محمود درويش كان العنوان الأكبر فى الشعر الفلسطينى، رحل سميح الذى كتب فى آخر أيامه «أنا لا أحبك يا موت، لكنى لا أخافك، أعلم أنى تضيق على ضفافك، وأعلم أن سريرك جسمى، وروحى لحافك، أنا لا أحبك يا موت.. لكننى أخافك»، شعر سميح القاسم لم يقدر على مواجهة سقوط الأحلام الكبرى بعد هزيمة البلاغة القديمة، فى «بيانه قبل الأخير عن واقع الحال مع الغزاة الذين لا يقرأوا» كتب
لاَ.. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ، فَلْيَخْرُجِ الْقَتْلَى إِلَى الشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ.. لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَقْلاَمُ وَالدَّفَاتِرُ الْبَيْضَاءُ
وَالأَصَابِعْ وَلْتَخْرُجِ الْمَكَاحِلْ
وَخُصَلُ النَّعْنَاعِ وَالْجَدَائِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَفْكَارُ وَالأَشْعَارُ وَالآرَاءُ
وَالْفَصَائِلْ
وَلْيَخْرُجِ الْمُنَظِّرُ الْمُبَشِّرُ الْمُقَاتِلْ