الواقع على الأرض يكشف أن كل مكان.. وأى مبنى.. أو مؤسسة أو مرفق نقل صار هدفاً قابلاً للتفجير من قبل جماعات العنف المسلح فى مصر. مضى زمن كانت فيه مقرات الشرطة والكمائن الأمنية والعسكريون، هى الأهداف التقليدية للإرهاب.
الواقع يقول أيضاً أن توسيع دائرة العمليات الإرهابية حتى أصبحت تشمل المدنيين أنفسهم، يفقد هذه الجماعات بعض التعاطف الشعبى الذى اكتسبته جراء آلتها الإعلامية التى استعطفت المصريين والمجتمع الدولى عبر التركيز على بعض الأحداث بعينها وتضخيمها. أنا أتحدث هنا تحديداً عن جماعة الإخوان المسلمين، وجل التحليلات التى عرفت طريقها إلى دور النشر خلال عام 2012م وما سبقه، أكدت أنها ليست جماعة تتبنى العنف منهجاً وسبيلاً للتغيير.
يقيناً أن كثيرا من هذا قد تغير، وأنه مهما خرجت الجماعة ببيانات تنفى عنها أى صلة بما تشهده مصر من إرهاب.. فإن مجريات الأمور منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى لا تترك باباً للشك فى تورط الجماعة وتنظيمها الدولى فيما يجرى على أرض القاهرة.
مشهد العنف المسلح يكشف عن نوعين من الإرهاب، الأول موجه بشكل خاص نحو رجال الشرطة والجيش والمؤسسات الأمنية، وهو الأكثر عنفاً وتنظيماً وتخطيطاً، وحتى الآن يصيب أهدافه بدقة كبيرة، والدولة عاجزة إلى حد بعيد عن القضاء عليه بصورة كاملة. مذبحة رفح الأولى والثانية، ومذبحة كمين الفرافرة، وعمليات تفجير مديريات أمن القاهرة والمنصورة، هى مجرد أمثلة على هذا الإرهاب الذى يكشف عن قصور أمنى كبير، لا مفر من الاعتراف به أولاً، قبل الشروع فى معالجته.
النوع الثانى يمكن تسميته بالإرهاب العشوائى، الذى يتم بأساليب وأدوات بدائية إلى حدٍ كبير، وعلى الرغم من ذلك فهو الأكثر خطراً على استقرار الدولة، لأنه يجعل من كل شبر على أرضها مسرحاً لعملياته، ومن كل مواطن لا حول له ولا قوة هدفاً لقنابله.
فى أدبيات العلوم السياسية، كل صاحب قضية يسعى نحو حشد الرأى العام لصالح قضيته، وممارسته ضغوط سلمية عبر هذا الحشد، الحاصل الآن مع جماعة الإخوان هو العكس.
نسف أبراج الضغط العالى ومحولات الكهرباء.. "دلق" الزيوت على الطرق السريعة بهدف تعطيل حياة المواطنين، وربما قتلهم.. زرع القنابل فى محطات المترو، وعلى خطوط السكك الحديدية.. كلها تصب فى اتجاه كراهية المواطنين للجماعة التى باتت تعمل بمبدأ " أنا ومن بعدى الطوفان" .
هذا المنطق الانتحارى لا أرى له تفسيرا سوى اليأس الذى دب فى أوصال الجماعة من أن يتبنى الشعب المصرى قضيتهم، ويتعاطف معهم بالقدر المطلوب أو المأمول من قبل الجماعة، التى راهنت بحسب تصورى على أن ملايين المواطنين الذين انتخبوا محمد مرسى، ونواب الإخوان فى برلمان 2012م سيخرجون من جديد للتأكيد على الشرعية الدستورية التى تم استباحتها، بحسب تصورهم .
والأخطر أن هذا اليأس يعنى أن القادم أسوأ، وأن عنف العمليات العشوائية سترتفع وتيرته، وقد تصبح الكبارى والمدارس وغيرها أهدافا لن تتورع الجماعة فى تفجيرها.
الحديث عن حلول سياسية تجاوزه المشهد على أرض الواقع، وباتت كل مبادرات المصالحة وكأنها صفحات من كتب التاريخ، والعنف والإرهاب، لن يقابله إلا عنف مضاد من أجهزة الدولة، ولا تسألنى حينها عن حقوق الإنسان .. كل الحقوق ستصبح مؤجلة حتى حين .. ولن يبقى سوى مشهد الدماء حاضرا فى ذاكرة الوطن.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
عصر الاخوان انتهى ولن يعود - لقد نالوا بما فيه الكفايه كراهية الشعب وسخطه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الرازق يوسف
الغرب ونحن