عندما نشر تنظيم داعش فيديو ذبح الصحفى الأمريكى، وهو أحد فيديوهات الدعاية والإعلان الداعشية، تدخلت السلطات الأمريكية وضغطت على يوتيوب وفيس بوك وتويتر لحذف الفيديو حرصاً على مشاعر أسرته، وهو أمر إنسانى. لكن ما نراه أن يوتيوب وفيس بوك وتويتر تتوسع فى نشر باقى فيديوهات الدعاية الداعشية التى ينشروها ويتباهون بقتل وذبح الأيزيديين والمدنيين والجنود ممن يرفضون إسلام داعش.
وبالرغم من أن هذه الفيديوهات تخالف قوانين النشر فى يوتيوب ومواقع التواصل فإنها تجد طريقها للعرض والمشاركة، وكأن هناك دعما من هذه المواقع للعنف والإرهاب.
وسوف تقرأ فى قواعد النشر بهذه المواقع الكثير من الخطب عن الأخلاقيات، والحق فى منع ما يسىء للإنسانية وما يتنافى مع الأخلاق، لكنها مجرد قواعد نظرية وديباجات أدبية لا علاقة لها بالواقع. وقد أصبحت هذه المواقع مجالا للكثير من الحروب الدموية، والصراعات العرقية والطائفية، التى تدور فى دول أخرى وتبتعد عن الغرب وأمريكا.
التوسع فى نشر هذه التسجيلات الإرهابية يساهم فى تصدير صورة دموية عن المسلمين والإسلام، بالرغم من أن ضحايا داعش مسلمون، منهم شيعة وسنة، ومسيحيون وأيزيديون إلى آخره. وبالتالى فإن الشر يبدى الأمر كأنه حرب أهلية متبادلة، بينما الحقيقة أنها جرائم عرقية وطائفية.
الخلاصة أن قوانين وأخلاقيات النشر فى يوتيوب وفيس بوك وتويتر فى منع نشر المشاهد الدموية، تطبق فقط عندما يكون الأمر متعلقاً بمشاعر الأمريكان والأوربيين، لكنها تختفى عندما يكون الأمر متعلقاً بمشاعر غيرهم. وهو ازدواجية واضحة تكشف عن مدى التخلى عن الأخلاقيات لصالح الانتشار والإعلانات والأرباح التى تحققها هذه المواقع. ناهيك عن وجود علاقات واضحة بين داعش وباقى التنظيمات الإرهابية الصناعية الجديدة، وأجهزة فى هذه الدولة ترى أن لها فوائد. والدليل أن الإدارة الأمريكية لم تبد الكثير من الغضب، ولم تنتفض لذبح الصحفى الأمريكى، مثلما فعلت مع حالات سابقة ربما كانت أقل تحديا.
نحن أمام معادلة معقدة، من الصعب أن يتم تفهمها من النظرة مباشرة، وحتى فى تقنيات الإخراج والتصوير لفيديوهات الإرهاب، هناك احترافية، وقصد لترويج الإرهاب لدى العرب والمسلمين، بينما لا يبدو القلق كبيرا لدى الغرب، وكأن هناك تأكدا أنهم فى منأى من أخطار داعش، بالرغم من أن سوابق دعم هذه الدول وأجهزتها لتنظيمات مثل القاعدة أيقظتهم فى 11 سبتمبر.
نحن أمام ازدواجية فى النظر للإرهاب، وفى التعامل معه، وفى الأخلاقيات التى تحكم النشر، تكشف عن أن الأخلاقيات كثيرا ما تكون أمرا يتعلق بأمريكا وليس بالعالم.