على جمعة يرد على الشبهات ويؤكد: الجهلَ المركبَ هو ابتلاءُ هذا العصر

السبت، 23 أغسطس 2014 11:44 ص
على جمعة يرد على الشبهات ويؤكد: الجهلَ المركبَ هو ابتلاءُ هذا العصر على جمعة المفتى السابق
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، إنه ظَهَرَ لَغَطٌ كثيرٌ فى الفترة الماضية حول بعض الأحاديث التى يتشدق بها الإرهابيون ليُبَرِّرُوا عدوانهم وجرائمهم فى حق المسلمين والإسلام، ويستغلها أعداء الإسلام فى تشويه صورة الإسلام المستقرة فى أذهان كل عاقلٍ مِن أنه دين الرحمة، المتمثل فى قوله تعالى: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ﴾، وغير ذلك من عشرات الآيات التى تؤكد أن أساس هذا الدين هو الرحمة.

وأوضح أن ذلك جعل علماء الإسلام عبر العصور يبدأون مجالسهم العلمية بحديث الرحمة المسلسل بالأولية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ»، ليكون أول حديث يتعلمه الطالب من أستاذه، فهذا هو الأساس الذى يَبنى عليه العالِمُ فهمَه لمختلف الأحاديث، فإذا حدث تعارضٌ وجب على العالم أن يعيد تفكيره وبحثه؛ فالخطأ ليس فى النص ولكن الخطأ فى الفهم.

واضاف "المفتى"، خلال برنامجه الله اعلم، المذاع على قناة سى بى سي، وأما عن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أن لا إِلَه إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى» متفقٌ عليه، فمن تعلم الأدوات اللغوية يفرق بين «أُمِرْتٌ» و«أُمِرْنَا» و«أُمِرْتُمْ»، والحديث يذكر «أُمِرْتٌ»؛ فذلك النبى صلى الله عليه وآله وسلم المؤيد بالوحى الذى اعتزلهم وأمر الصحابة بالسفر إلى الحبشة فتركوا أموالهم وديارهم، وهاجر إلى المدينة هو وأصحابه، فإذا بالمشركين يأتونه بدرًا فى المدينة وأُحُدًا فى المدينة والخندق فى المدينة، ويهيجون عليه الشمال والجنوب والشرق والغرب، ويريدون استئصال المسلمين والقضاء عليهم وإبادتهم جماعيًّا، فأمرنا أن نقاتِل مِن يقتلنا، وأن نصد العدوان، وأن نرفع الطغيان، وألَّا نعتدى، وقد كان، فقبل النبى صلى الله عليه وآله وسلم التعددية فى المدينة وكتب الصحيفة.

وتابع: "فى فتح مكة عَفَى وصَفَح ولم يُكْرِه أَحَدًا على الإسلام، فدخلوا فى دين الله أفواجًا، فهو يقول: أُمرت أن أُدافع عن نفسى حتى أُبلغ رسالة ربى، والناسُ فى الحديث هم "مشركو العرب"، إلَّا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بأهل الكتاب خيرًا، وألحق بهم المجوس؛ فقال: «سُنُّوا بِهَمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ». ودخولُ الإسلام تحت ظِلِّ السيف إكراهٌ، ولكنه لم يحدث، ولَمَّا دخل المسلمون مصرَ والعراقَ والشامَ، وبعد مائةِ سَنَةٍ مِن دخولهم، كان عدد المسلمين لا يتجاوز 5% (خمسة فى المائة) فى كل تلك البلدان. [راجع: ريتشارد بليوت فى كتابه "الحضارة الإيرانية" طُبع سنة 1974م بنيويورك".

وأما حديث: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَى السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ»، فهذا خَبَرٌ وليس أمرًا، فهو صلى الله عليه وآله وسلم يتكلم عن حال هذه الأمة وأنها ستعانى الأَمَرَّيْن مِن سائر الأمم عبر تاريخها، فستضربها الروم والفرس، وبعد ذلك الصليبيون والتتار، وبعد ذلك الاستعمار الحديث، وأنها سَتَظَلُّ تجاهد هذا العدوان وستحاول الفرار مِن هذا الدم وسينصُرها الله سبحانه وتعالى، ولا يسلط على هَلَكَتِهَا عدوًّا مِن خارجها، بل ستدافع الدفع المشروع حتى ينصُرَها الله، وقد كان، فلم يستطع الروم ولا الفرس ولا التتار ولا الصليبيون ولا الاستعمار الحديث أن يبيدوا هذه الأمة كما أُبِيدَ الهنود الحمر، وكما أُبِيدَ سكان أستراليا، وكما أُبِيدَ كثيرٌ مِن سكان أفريقيا كالزولو والبوير وغيرهما، ولكن لم يستطع أَحَدٌ مع هذه الحرب المستمرة والعدوان المستمر أن يُبِيدَ هذه الأمة، فهذا معنى هذا الحديث، فهو نوعٌ مِن الخبر وليس أمرًا أو تكليفًا.

وأوضح أن هذا هو الفهم السليم الذى تعلمناه فى الأزهر الشريف خلال سنواتٍ طويلةٍ مِن الدراسة والبحث وتلقى العلم على أيدى علماء أَجِلَّاء، وهذا الطريق يختلف تمامًا مع الجهل الْمُرَكَّب الذى ابتُلِينا به فى عصرنا الحديث على أيدى مجموعةٍ مِن المتطرفين الذين شَوَّهُوا كل جميلٍ فى ديننا الحنيف.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة