الخيول الأصيلة لا تصهل كثيرا والعقول الكبيرة تتكلم قليلا، ونحن نعيش فى مكلمة لا تنتهى، فالكلام (معلهوش جمارك)، فلا تبحث عن الخيول أو العقول بل ابحث عن السبوبة، فعندنا فقط تشاهد الفاسد يتحدث عن الفضيلة، وتسمع القواد يقسم بالشرف، وتنصت للحكمة من أفواه المجانين، فالسيارة ترجع للخلف والملايين يدفعونها للهاوية، فمن النادر أن تجد طبيبا لا يتاجر، أو «صنايعى فاهم»، أو ناس تحكمهم الأخلاق. المجتمع المصرى تاه من الوزير إلى الغفير فى حسابات البنوك ومعادلات المكسب والخسارة وعد البنكنوت، وأصبح الشرفاء أقلية تصارع طواحين الهواء، لذلك من الطبيعى أن تفسد كل مجالات الحياة، فلا تتعجب حينما يخرج الإعلاميون جميعا ليتبرأوا من الإعلام واللى جابوه، وليغسلوا أسماءهم من رجس الأنظمة السياسية أو فساد الرأسمالية لا تندهش حينما يتقاذفون الطوب وإعلامنا كله من زجاج، أو حينما يحاول الطلبة الفاشلون أن يتقمصوا دور الأستاذ، فحينما تختفى القدوة ويقل تأثيرها بين الناس يقود العالم أى (هجاص)، والإعلام المصرى عاش لفترة طويلة على أكذوبة الريادة لنكتشف أنها إبادة ، وأنه ساهم بتفوق فى القضاء على الهوية والثقافة والأخلاق، فانظر إلى ما تقرأه من أخبار، وما تشاهده من برامج، وما ينشر من أفكار، ركز فيما يذاع من دراما وفن وغناء، انتبه للشخصيات الملونة التى تظهر فى التليفزيون والأفكار الملوثة التى تتباهى بها الجرائد كل يوم، ستكتشف أنك تعيش على طبق كشرى كبير اختلط فيه الرث بالثمين والحقيقة بالتدليس، وأن أسوأ أنواع السم تأتى ممزوجة بالعسل يا عسل، فلا تصدق من يكلمك عن الميثاق أو من يقسم بشرف الكشافة أو من يقول لك: سيحلها المجلس الأعلى للإعلام، فالشىء الوحيد الذى يحرك الفضائيات والصحف والإذاعات هو المال، الجنية والدولار والريالات هم الحرفية والمصداقية والموضوعية، فسواء كان الإعلام قوميا أو خاصا أو دوليا، فإن مموليه هم الذين يحركون شراعه، لذلك لا تبحثوا عن (المغنواتية والمعازيم) بل ابحثوا عن صاحب الفرح، فالدولة تصرف المليارات على الإعلام للحفاظ على صورتها وتحريك الرأى العام تجاه مصالحها، وبالمثل الإعلام الخاص يقوم على أشخاص وتكتلات سياسية ومالية تسعى لفرض قوتها أو نشر أفكارها السلبية أو الإيجابية، أما الإعلام الدولى فيعمل لحساب الدول ولتنفيذ أجندتها فى النفوذ والسيطرة، لذلك لا مجال للحديث عن المهنية والموضوعية.. إلخ، فالمشكلة فى رؤوس الأموال، الحل الوحيد للقضاء على فساد الإعلام هو أنت سيدى!. وللحديث بقية.