كما توجد صواريخ عابرة للقارات، ففى مصر شخصيات عابرة للأنظمة، تتغير الدنيا ولا يتغيرون، تتبدل الأحوال ولا يتبدلون، تغيب الأنظمة نفسها وتنتهى ولكنهم مستمرون، هم ليسوا سحرة ولا يمتلكون مهارات خارقة ولا أصحاب إبداعات خاصة، ولكنهم ماهرون فى التلون، مبدعون فى التحول، مبادئهم مطاطة يغيرونها كما يغيرون ملابسهم الداخلية، أفكارهم مرنة لا تنكسر ليس لأنها صلبة ولكن لأنها مزيفة، محترفون فى القفز من المراكب وهى تصارع الغرق.
هؤلاء كلما تقدمت أعمارهم كلما ازدادوا خبرة فى التلون والنفاق، بطونهم منتفخة من كثرة أكلهم على كل الموائد، أعينهم تزيغ على المناصب وتشتهيها كما لو كانت منتهى لذتهم، وغاية مرادهم، وجناتهم التى إليها يرجعون، وكأن الكرسى حصانة لهم من الموت، ومنجاة لهم من الحساب، وضمان لهم ضد المهانة وفضح ما ستروه من أفعال.
أمثال هؤلاء لا يتورعون عن فعل كل ما يطلب منهم من أجل نيل الرضاء السامى والبقاء فى الصورة، بعض من هؤلاء يحاولون الآن العودة من جديد واختراق النظام الحالى، يدعون الحكمة ويروجون لأنفسهم باعتبارهم محل إجماع من الجميع، منهم من يطمع فى رئاسة البرلمان ومنهم من يخطط ليكون مستشارا ومنهم من يراهن أن يكون مقربا ومنهم من يرسم نفسه مصلحا ومجمعا لشتات التيارات والأحزاب، ومنهم من يقاتل من أجل أن يكون مرشدا ولو من خلف ستار، يغازلون السلطة بكل السبل، ويفترضون فى الجميع الغباء ونسيان تاريخهم الأسود ومتاجراتهم الدائمة على طول الخط بطموحات المصريين، يعتقدون أن المصريين نسوا أدوارهم عندما كانوا عرابين للصفقات، ومروجين لكل الأنظمة.
الأفضل لهؤلاء أن يعودوا إلى بيوتهم وينتظروا كلمة القدر ويكفيهم ما فعلوا، لأن الوضع الآن اختلف وما كان مقبولا من قبل لم ولن يصبح مقبولا فى الفترة القادمة، فرأس النظام الآن ليس ممن يسهل خداعهم ولا ممن يقبلون وصية أحد أو إرشادا من أحد، ولا ممن يراهنون على الحاشية وإنما عينه على الشارع الذى لا يقبل هؤلاء ولا يأمن على المستقبل فى وجودهم، فهناك من هم أفضل وأولى منهم للاستماع إليه والاستعانة به .
ليعلم هؤلاء أن صلاحيتهم قد انتهت وأقنعتهم لم تعد تكفى لستر حقيقتهم، وليتركوا الساحة لمن يستحق .