تعلمنا منذ نعومة أظافرنا أن الدولة «علم ونشيد»، وفجأة برز على سطح الحياة السياسية قوى بالملايين ضد تحية العلم والسلام الجمهورى، الأمر الذى استدعى إصدار قانون بذلك!
تعلمنا فى كل الدساتير من 1923 وحتى دستور 2013، أن للحياة الخاصة حرمة ولا يجوز انتهاكها إلا بالقانون، وفوجئنا ببرامج فضائية مخصصة لانتهاك الحياة الخاصة والحرمات، يشاهدها الملايين ووصل الأمر فى تلك البرامج إلى أن تتحدث باسم رئيس الدولة فيما يشبة الابتزاز، تعلمنا أن هناك ما يسمى بالمؤسسات الأمنية السيادية، وهى المنوط بها جمع المعلومات الخاصة والأمنية وفق المنظومة القانونية للدولة، وفوجئنا جهارا نهارا بضباط سابقين وبعض مساعديهم أثناء الخدمة يؤسسون شركات معلومات خاصة تعمل علنا وتقدم معلوماتها لمن يشترى ؟، تعلمنا أيضا فى الصحافة والإعلام الفصل بين الإعلام والإعلان، وبين الملكية والتحرير، وبدون مقدمات فوجئنا بانهيار كل ذلك خاصة فى الإعلام الفضائى.
أعلم أن العالم كله يمر بأزمة هيكلية وأن الدولة القومية تترنح أمام الشركات «المتعدية» الجنسية، ولكننى أتحدث عن واحدة من أقدم دول التاريخ، للأسف لا يهم المثقفون الآن سوى بالبحث عن الحماية، ووجدوا فى ضالتهم المنشودة «توريط القوات المسلحة والشرطة» فى تلك المهمة، وكل يوم نسمع عن استشهاد أحد أبناء الجيش أو الشرطة، والمثقفون يتربحون من «بيزنس» الإعلام الفضائى، ولولا أن مجتمعنا قوى لكانت الدولة فشلت، وبالطبع كلنا نتابع بيزنس الانتخابات والسمسرة، أعرف ضابطا سابقا يعمل مقاول انتخابات، ومراكز أبحاث تستطلع الرأى العام عن المرشحين «عن شعبيتهم فقط» وكأننا ليس لدينا أحزاب !
كذلك أصبحت تجارة أصوات الأقباط شرعية وأكثر ربحا من تجارة المخدرات، أحد نواب ووجهاء القبط صرف مئات الآلاف من التبرعات المخصصة للفقراء من أجل إرضاء أحد السادة الذين أوهموا الرأى العام أنه من المقربين من السيد الرئيس ثم «خلع» من المشهد؟!
على الجانب الآخر الأحزاب ذات المرجعيات الدينية «النور والوطن والبناء والتنمية والوسط ومصر القوية» تعمل يشكل علنى رغم أن %90 من أعضائها يدعمون الإرهاب ورغم أنها جميعا باستثناء النور فيما يسمى جبهة «دعم الشرعية»؟!! وسيكون لنواب رابعة تمثيل فى برلمان 30 يونيو؟! بصراحة يبدو أن دولتنا الرشيدة أصبحت مجرد حكم فى مباراة الفائز فيها سوف يجعلها فى خدمته.. ربنا يستر.