فى أوساط المحاماة 4 أنواع من المحامين، الأول محام بديع فى مرافعته مثل فريد الديب، والثانى فنان فى كتابة مذكرة دفاعه مثل بهاء أبوشقة، لدرجة دفعت أهالينا فى الصعيد لإطلاق مثل شعبى «خد تارك وبيع فدان وهات أبوشقة»، والثالث يعالج القضايا من منظور فكرى أكبر من الحيز الضيق للقانون مثل رجائى عطية، أما النوع الرابع والأخير، هو المحامى «بتاع كله» ويجسده الراحل أحمد سيف الإسلام.
الثلاثة الكبار فى عالم المحاماة، الديب وأبوشقة ورجائى عطيه، تصل أتعابهم فى القضايا إلى ملايين الجنيهات، ومكاتبهم لا تقبل أى قضية، لا يدخلون قاعات المحاكم إلا فى الجلسات الكبيرة فقط، أما الراحل «سيف الإسلام» الذى لا يقل عنهم فى مهارات المحاماة كتابة ومرافعة، لم يكن يتقاضى أى أتعاب، مكتبه مفتوح للجميع، دائما يقف وراء المظلومين، لا يتعامل مع المحاماة باعتبارها مهنة يتكسب منها قوت يومه، يعشقها إيمانا بكونها رسالة سامية، وبعهد قطعه على نفسه أن يكون دائما نصير المظلومين والغلابة، ليقف مدافعا عن كل مواطن مقهور فى قاعات المحاكم المصرية، ولم يمنعه كبر سنه من الوفاء بهذا العهد، ورغم تجاوزه الستين إلا أنه كان «بيتنطط» من القسم إلى النيابة ومن النيابة للمحكمة، سعيا وراء براءة مظلوم وعودته سالما لأهله، مستحقا بجدارة لقب «محامى الغلابة وشيخ الحقوقيين».
إيمان الراحل سيف الإسلام بالفكر اليسارى، صنع اختلافات فى حياته وصلت لدرجة التناقض لكنه دائما ما يظهر بشخصيته البسيطة، متفردا بميزات خاصة تلمسها عندما تتعامل معه، هادئ الطباع، مبتسم، بشوش، ينصت إليك باستماع، حريص على تواصل الأجيال ونقل الخبرات.
لم يدافع سيف الإسلام عن قضايا اليسار فقط ولكن ارتبط اسمه منذ عشرات السنوات بالدفاع عن كل قضايا الرأى، باختلاف التوجهات الفكرية للمتهمين فيها، ليضرب مثالا جديدا بمناصرة الحق باختلاف إيديولوجية صاحبه، فقد وقف مدافعا بيساريته عن قضية حزب التحرير الإسلامى فى 2003، ووقف مدافعا بيساريته عن 13 من أعضاء كتائب عبدالله عزام المتهمين فى تفجيرات طابا، ووقف مدافعا بيساريته عن المتهمين فى خلية الزيتون فى 2010، وغيرها من مئات القضايا الحقوقية.
وداعا أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح حمد، وداعا المدافع الأول عن المظلومين، وداعا رفيق نبيل الهلالى، وداعا من عاش حرا ومات حرا، وداعا رجل الحريات، وداعا نصير الضعفاء، وداعا صاحب قصة نضال يسطرها التاريخ المصرى، وداعا «ياللى كان لك فى كل بيت واجب»، وداعا «محامى أبوبلاش».
وداعا أبوعلاء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/اشرف عزت
اتمنى من حضرتك ان تساعديى فى نشر مقالتين عن كارثة غسيل اموال معرض المهند فى الاسماعيلية انها تخرب