لأن استقرار المنطقة مرتبط نسبيا باستقرار مصر، ولأن استقرار مصر مرتبط باستقرار جيشها وسلاحها الأساسى، فإن أى محاولة لزيادة التوتر فى المنطقة وسط تفاصيلها المعقدة، سيبدأ من محاولات الدفع بالجيش المصرى للخروج من الحدود الطبيعية وتنفيذ عمليات عسكرية منفردا أو مشتركا خارج البلاد.
تصريح الإدارة الأمريكية الأخير عن قيام مصر والإمارات بتنفيذ عملية عسكرية فى ليبيا هو نموذج لمحاولات توريط مصر عسكريا، وطرح التصريح من قبل المتحدثه باسم الخارجية الأمريكية جين ساكى فى هذا الوقت الصعب، يعكس الدور القذر التى تلعبه الولايات المتحدة ونواياها السيئة تجاه مصر وجيشها، خاصة أن النص الأصلى للتصريح خلا من الاستناد إلى أى معلومة موثقة واردة من مصدر استخباراتى، وتضمن كلمات مثل «نعتقد»، وهى كلمة لا تستخدم فى قاموس البيانات والتصريحات الإعلامية الأمريكية، وهو الأمر الذى يثبت بالبرهان أن الولايات المتحدة لم يكن لديها معلومة وإنما اختلقت واقعة أرادت أن تلقيها فى المجتمع الدولى منتظرة صداها من إرباك دول المنطقة العربية والشرق الأوسط ومصر بالأساس.
الجديد فى محاولة توريط مصر من قبل الولايات المتحدة، أن تصريح الخارجية الأمريكية ربط دولة الإمارات الشقيقة مع مصر فى تنفيذ العملية العسكرية، على اعتبار أن آخر تعاون عسكرى أجرته مصر كان مع دولة الإمارات، وهو يحمل رسالة ضمنية من واشنطن لـ«القاهرة» مفادها: «إحنا عارفين ومتابعين كل حاجة».
اللافت فى أزمة توريط مصر أن «القاهرة» تعاملت مع الموقف بعناية شديدة وبدبلوماسية تستحق التقدير والاحترام، دفعت واشنطن فى النهاية إلى التراجع عن التصريح بشكل انكشف معه الوجه القبيح لواشنطن فى اللعب بمقدرات الدول بالمنطقة العربية.
الأمر الإيجابى فى الأزمة والمفرح لنا، أن القاهرة لم تتوقف تحركاتها الدبلوماسية بتراجع واشنطن عن التصريح، بل استمرت واستقبلت 3 من أرفع المسؤولين الليبيين وهم رئيس البرلمان ورئيس الأركان ووزير الخارجية، ونظمت لهم لقاءات مع المسؤولين بالخارجية ووزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية، وخرجت اللقاءات الثلاثة للإعلام والصحافة الأجنبية كرد قوى على «محاولة التوريط الأمريكية»، بل وأعلنت رئاسة الجمهورية دعمها الكامل لإعادة تأهيل الجيش الليبى وتقديم كامل الدعم والتدريب لأعضائه والوقوف جنبا إلى جنبا لاستقرار الأوضاع فى ليبيا.
تحية للدبلوماسية المصرية أولا على هدنة غزة، وثانيا على إحباط محاولة توريطنا عسكريا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة