كتبت بالأمس عن «العلماء الصنايعية» ودورهم الذى يجب أن يكون فى تنمية مصر، فهؤلاء يقومون بتحويل البحوث العلمية إلى فعل تطبيقى على أرض الواقع، وضربت مثلا بالعالم الدكتور سمير غنيم مؤسس كلية الزراعة بالعريش، وأستكمل. تحدثت أمس عن مشروع «الوقود الحيوى» أو ما يمكن تسميته بـ«البترول عالى الجودة»، ويعرف بـ«البايو ديزل»، ويتم استخراجه من الطحالب التى يتم إنتاجها من الأراضى الرطبة فى سيناء.
هذا النوع من الوقود يستخدم فى تموين الطائرات، ويقول الدكتور سمير غنيم، إن الأراضى الرطبة فى شمال سيناء ليست وحدها التى يمكن استخراج هذا الوقود منها، وإنما من أراضٍ فى الوادى الجديد أيضا، حيث يوجد فيها نحو 38 ألف فدان يمكن استثمارها فى ذلك، هذا بالإضافة إلى منطقة فيها أراضٍ مالحة فى مصر، ويمكن حصرها وإدخالها فى هذا المشروع الذى يوفر فرص عمالة جيدة، ويدر دخلا للاقتصاد المصرى من وسيلة لا ينتبه إليها أحد.
ولا تقتصر عملية استخراج «البترول عالى الجودة» على الأراضى القاحلة، وإنما وحسب رأى عالمنا المحترم هناك مورد آخر يتمثل فى استخراجه من نبات الخروع، ويقول إنه فى شمال سيناء وبالتحديد فى منطقة «الخروبة» التى تبعد عن العريش بنحو 15 كيلو مترا توجد أكبر محطة صرف صحى فى سيناء، ويمكن زراعة نبات الخروع فيها معتمدا فى الرى على مياه الصرف، ويتم جمع ثماره لاستخراج «الوقود الحيوى» منها.
لا تقف فائدة زراعة الخروع على استثمار «ثماره» فى استخراج البترول وفقط، وإنما يتم الاستفادة من أوراقه فى تربية دودة القز «الحرير»، حيث يوجد نوع من دودة الحرير تتغذى عليه بخلاف الدودة التى تتغذى على ورق شجر التوت، وبذلك نكون أمام فائدة مزدوجة من زراعة «الخروع»، ومجمل هذا الأمر يعنى أنه سيكون لدينا مجالات جديدة فى تشغيل أبناء شمال سيناء فى مشروعات تقوم على ظروف بيئتها وطبيعتها.
ومرة ثانية وحتى لا يتصور البعض أن هذه الأفكار مجرد كلام نظرى، نعيد التذكير بأن عالمنا المرموق الدكتور سمير غنيم أجرى تجارب عملية على مشروع «البايو ديزل» ونجحت، وقام معهد بحوث البترول بتحليله واعتماده، وبهذه الخطوة نكون أمام عمل علمى مكتمل الأركان، بدءا من فكرته وانتهاء بتجريبه، عمل ليس فيه دجل وشعوذة، وكلام طق حنك، وجرى وراء وسائل الإعلام من أجل منصب وجاه، فالدكتور سمير غنيم - بالتأكيد يوجد غيره - من فصيلة العلماء الذين يعملون فى صمت، وكل همهم مصلحة وطنهم دون طنطنة، والسجل العلمى للدكتور سمير يشهد بذلك، ويكفى سؤال أبناء سيناء عنه فهو يعيش بينهم منذ سبعينيات القرن الماضى.
العمل الذى نحن بصدده ينقصه إرادة القرار الصحيح الذى يبحث عن تنمية حقيقية خارج الصندوق ويقفز على الأفكار التقليدية، وهذا بالضبط ما يبحث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى. فى هذا السياق يأتى الدور على اللواء سيد حرحور محافظ شمال سيناء الذى يعكف الآن على وضع خطة طموحة للتنمية فى المحافظة، فأمامه فرصة ذهبية لا تعوض، يجب تشجيع المستثمرين عليها، وفى حدود علمى أن شركة الراجحى السعودية تنتظر.