الشعب الفلسطينى هو صاحب البطولة الحقيقية فى معركة غزة، فرغم ما تعرض له من حرب وحشية تفوق فى قدراتها التدميرية قنبلتى «هيروشيما وناجازاكى» بلامبالغة، إلا أنه ظل صامداً، لم يستسلم، ولم يرفع الراية البيضاء بل ظل صامداً صابراً محتسباً مبتلى، وهو يرفع سبابته بالتوحيد ويدعو لشهدائه أن يفسح الله لهم قبورهم ويدخلهم الجنة فى عليين، هكذا رأيت صورة امرأة تطل من إحدى الشاشات وهى تدعو لأمها بصوت حزين لكنها واثقة مما تدعو به «والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم». وقصة فلسطين منذ بدأت فى مطلع عشرينيات القرن الماضى والهجرة المتسللة الصهيونية إليها لم تمت، ولم تعد فلسطين دولة بلا شعب، ولكن شعبها العربى الأبى رفض أن يكون كالسكان الأصليين فى بلدان الاستعمار الاستيطانى أو كالهنود الحمر فى أمريكا، الأمة العربية ليست مجرد قبائل يمكن محو ذاكرتها أو تاريخها أو جغرافيتها، فهى أمة عمربن الخطاب وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وطارق بن زياد، وهى أمة صلاح الدين، جوهر ثقافتها المقاومة ودفع العدوان عن ديار الإسلام.
نحن أمام جيل عربى جديد فى غزة واجه الحرب مع العدو الصهيونى ثلاث مرات فى أقل من ست سنوات، كل سنتين حرب مع عدو غادر يملك القوة لكنه لا يملك المشروع، فمشروعه عدوانى استيطانى وهو يعبر عن أعلى مراحل الإمبريالية، لم يعد هناك فى العالم مشروع لاحتلال استيطانى بالقوة المسلحة مدعوم بسياسات الدول الاستعمارية الغربية ليكون رأس جسر لها ورأس حربة لفرض الهيمنة على الإنسان العربى وفرض التمزيق والتقسيم على العالم العربى سوى الكيان الصهيونى، ومانراه فى غزة هو جولة فى الصراع الطويل الممتد، حيث يريد الصهيونى مستنداً للقوة الغاشمة أن يبيد الوجود الحياتى للمدنيين ضاربا بذلك عرض الحائط لكل القوانين الفطرية والدينية والطبيعية والقانون الدولى ولذا يستعد الفلسطينى للتمسك بهويته وبقائه ليظل شاهدا على أن هذه هى أرضه وأن الجريمة هى من قام بها ذلك المجنون المدعوم بالسلاح الباطش وبسياسات العالم الصامتة على جرائمه، وبقاؤك يا غزاوى يا عربى صامدا مقاوما لا تخاف يرسل للمغتصب إشارات أنه لن يفر بجريمته ولن يهنأ بسرقته.أمتى والعالم، سأظل عربياً، هذه مقولات أستاذنا الدكتور حامد ربيع حين كنا طلابا فى كلية الاقتصاد، ولماذا العروبة لأنها هى التى احتضنت الإسلام واحتضنها الإسلام وعبرت عن التقاليد التى رسخت لوجودنا نحن كمسلمين إلى اليوم، حتى من جاء بعدهم من الترك والفرس ظلت العروبة فى تعانقها مع الإسلام هى أساس الثقافة والوجود والسياسة والتدين والحياة كلها راهن الصهاينة على كسر وحدة الشعب الفلسطينى بين غزة ورام الله، ولكن المعركة شدت من وحدة هذا الشعب، فقد كان الجميع يتكلم بلسان واحد وهو كسر الحصار الظالم عن القطاع لكى يتمكن أبناؤه من العيش كآدميين داخله.
القضيةالفلسطينية هى مرآة الوضع العربى الذى بدى منهكا ضعيفا مشغولا بالداخل وقضاياه والإرهاب ومشاغله، ومن ثم فإن سياسة المحاور التى لعبت قطر دورا فيها بدلا من مصر والسعودية، كانت عبئا على المقاومة ولم تكن إضافة لها، كما أن الدور التركى الذى حاول أن يوظف القضية الفلسطينية من أجل مكاسب داخلية أو إقليمية على حساب مصر كان عبئا على المقاومة ولم يضف إليها. مصر ليست النظام السياسى فيها، ولكنها أكبر من كل النظم والحكام الذين مروا عليها، وستظل مصر هى قلب العروبة النابض، وستظل هى الصخرة التى تتكسر على نصالها كل المؤمرات التى تحاك لفلسطين، لذا لا ينبغى للمقاومة أن تنفض يدها من مصر لحسابات داخلية حزبية، كما لا يجوز لمصر ألا تقوم بدورها العربى حماية للإقليم العربى كله، فأمن الإقليم العربى واحد، وأمن مصر وفلسطين والشام واحد.
عدد الردود 0
بواسطة:
M.Muneer
موضوع تعبير
المقالة عبارة عن موضوع تعبير لا اكثر ولا أقل