«1»
فى مصر وحدها يكون الجميع حاضرا ومهتما وعلى استعداد للقتال حينما يتعلق الأمر بالترقيات والتراتب الوظيفى والعلاوات والحوافز والمكافآت، وكلما صعد أحدهم درجة وظيفية إلى أعلى سارع إلى تغيير الكارت الشخصى ولوحة مكتبه اعتزازا باللقب الوظيفى الجديد.. بلد شهادات ومناصب صحيح.
وصحيح أيضا أن نفس هؤلاء الفرحين بالترقيات والعلاوات والألقاب الوظيفية الجديدة هم أول الهاربين حينما يتعلق الأمر بحساب المقصرين، ومحاكمة المخطئين، وإدارة ما يتبعهم من موظفين ومشاركتهم فى تحمل نتائج الأخطاء الناتجة عن سوء متابعة أو فساد مراقبة.. بلد «كوسة» وتهرب من المسؤوليات صحيح.
وصحيح أيضا أن المجرم الحقيقى فى جريمة ضرب وتعذيب الأطفال الأيتام فى دار مكة المكرمة بشارع الهرم، ليس أسامة عثمان الذى ظهر فى الفيديو الشهير وهو يضرب الأطفال بقسوة، أسامة لم يكن سوى أداة للقتل أو التعذيب مثله مثل «السوط» أو السيف أو المسدس أو العصا، بينما اليد التى أمسكت بتلك الأداة لتعذيب الأطفال اليتامى موجودة هناك.. فى مديرية التضامن الاجتماعى بالجيزة وداخل ديوان وزارة التضامن الاجتماعى، وفى قلب أمانة المجلس القومى للأمومة والطفولة، وفى عمق أجهزة التحقيق والنيابة العامة فى محافظة الجيزة.. هيا بنا نلتقى المجرم الحقيقى..
«2»
منذ قديم الأزل وهم يرددون فى المسلسلات والأفلام وداخل قاعات الدرس بكليات الحقوق قاعدة تقول: «الاعتراف سيد الأدلة»، وأول الاعترافات التى يمكنك من بعدها استيضاح شخصية المجرم الحقيقى فى واقعة دار أيتام مكة المكرمة تخص السيدة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، التى خرجت متحمسة جدا بعد انتشار الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى لتعترف بعد كثير من الكلام عن الإجراءات الحاسمة التى ستتخذها الوزارة ضد المجرم معذب الأطفال وتقول بالنص: (قد سبق وتم اكتشاف مخالفات مالية بهذه الدار وتم إبلاغ النيابة العامة بهذه المخالفات).
هكذا بمنتهى البساطة أقرت السيدة وزيرة التضامن أن الوزارة التى تقودها على علم بأن مدير دار أيتام فى الهرم فاسد ماليا والوزارة اكتفت بأن تحيل المخالفات للنيابة دون أن تضع الدار تحت رقابة أو تتخذ قرارا بإيقافه عن العمل، وكأن السيدة الوزيرة لا تعلم أن الشخص الذى يستحل لنفسه سرقة مال اليتامى والاتجار بهم، من السهل عليه جدا أن يستحل أجساد اليتامى أنفسهم سواء اغتصابا أو تعذيبا كما حدث.
تصريح وزيرة التضامن كشف النقاب عن تلقى الوزارة عدة شكاوى فى العام 2011 من مواطنين مجهولين يتحدثون عن عمليات نصب وسرقة داخل دار أيتام مكة المكرمة، بالإضافة إلى سوء معاملة إدارة الدار مع الأطفال ولكن أحدا من وزارة التضامن لم يتحرك.
السيدة الوزيرة التى اعترفت بأن صاحب الدار فاسد ماليا، لم تخبر الناس بأن المديريات التابعة للوزارة وتحديدا مديرية التضامن بالجيزة منحت أسامة عثمان شهادة تكريم على جهوده المبذولة فى خدمة الأطفال وهى شهادة تؤكد أن السادة فى وزارة التضامن والسادة فى المديريات التابعة لها لا يراعون الله فى أعمالهم ولا يراقبون ولا يمانعون فى فتح أدراجهم مقابل استخراج شهادات من هذا النوع.
«3»
اعتراف آخر يكشف عن مجرم جديد ظهر من خلال تصريحات الدكتور عزة عشماوى أمين المجلس القومى للأمومة والطفولة، التى حرصت على ألا يمر المشهد المؤسف دون أن تظهر فى كادر بطولته وتركب موجة المزايدة عليه، فخرجت تتباهى أمام الناس أن المجلس يملك تاريخ أسامة عثمان مدير الدار، وقالت إن المجلس يملك معلومات تؤكد أن المجرم الذى عذب الأطفال سبق وتم اتهامه فى ثلاث قضايا فى 2004 و2008 و2011 القضية الأولى مخالفات مالية، والثانية تبديد ممتلكات والثالثة ارتكاب فعل فاضح مخل بالشرف.
قالت السيدة أمينة المجلس المسؤول عن كل طفل فى مصر وعلى رأسهم اليتامى كل هذه المعلومات دون أن يسألها أحد وهل امتلاك المجلس القومى للطفولة هذه المعلومات وصمته وعدم تحركه للمطالبة بإزاحة هذا الرجل بعيدا عن دار مكة المكرمة يعنى أن المجلس القومى تستر على مجرم؟، أم يعنى أن السادة فى المجلس القومى للأمومة والطفولة لا يمانعون أبدا فى أن يكون المشرفون على دور رعاية الأيتام رد سجون ومتهمين فى قضايا فساد مالى وسرقة وقضايا مخلة بالشرف.
«4»
منذ 3 أشهر أصدرت وزارة التضامن قرارا بتعميم العمل بلائحة دور الأيتام اللائحة النموذجية المنظمة للعمل بالمؤسسات الإيوائية للأطفال المحرومين من الرعاية، وفى المادة 3 من هذه اللائحة تأكيد لازم على كل مديريات التضامن وعلى العاملين داخل الوزارة بضرورة مراقبة ومتابعة أوضاع المؤسسات القائمة لرعاية الأطفال والتأكيد على استيفائها لمجموعة من الشروط أبرزها: (تلبية جميع الاحتياجات الصحية والغذائية والتعليمية والنفسية والاجتماعية للأطفال والشباب واحترام رغباتهم وآرائهم، وتقديم كل أساليب وطرق الإرشاد والمعونة النفسية والاجتماعية المستمرة للتغلب على الصعوبات الاجتماعية المصاحبة للأطفال، وأن يتوافر فى المبنى الشروط الصحية كالتهوية والإضاءة الطبيعية ومخارج للطوارئ (الحريق والزلزال، وبوابات مأمونة تسهل الخروج والدخول، ووسائل وضمانات الأمان للأطفال ضد المخاطر) وهى الشروط التى يتضح من فيديو تعذيب الأطفال الأيتام أنها لا تتوافر أبدا فى دار مكة المكرمة بشارع الهرم.
«5»
ولأن لكل مقدمات نتائج، فإن نتيجة ما سبق من معلومات تقول بأن أسامة عثمان لم يكن سوى أداة للجريمة أما المجرم الحقيقى فى واقعة تعذيب أطفال دار الأيتام فموجود داخل أروقة المؤسسات الحكومية متخذا عدة أشكال مرة فى ثوب مدير إدارة التضامن الاجتماعى بالجيزة، وأخرى فى ثوب وزيرة التضامن سواء كانت السابقة أو الحالية، وثالثة فى ثوب أمينة المجلس القومى للأمومة والطفولة.. حاسبوهم، ولا تكتفوا بكسر أداة التعذيب، لأن الجريمة لن تتوقف إلا بقطع اليد التى تستخدمها أو توفر لها الغطاء المناسب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رغد عادل
مستشفى النيل للتأمين الصحى خارج نطاق الخدمه
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من جمهورية الموز
أطفال تعذب في قسم شرطة كوم الدكة !