بعض القراء عاتبنى على ما كتبت بالأمس تحت عنوان «يا رجال الأعمال تعالوا نتحاسب»، الذى طالبت فيه بأن نتوقف عن مطالبة رجال الأعمال بالتبرع لصندوق تحيا مصر، وأن نتحاسب بالورقة والقلم، على أساس أن البلد لن يستجدى ممن نهبوا أمواله وأراضيه أن يعيدوا ولو جزءا صغيرا مما نهبوه، وبدلا من ذلك نفتح دفاتر التهرب الضريبى ووضع اليد على الأراضى وغسيل الأموال، ونهب أموال المنح الأوربية والأمريكية وعمليات احتكار الاستيراد للحكومة وإرساء المشروعات الضخمة على المحاسيب بالأمر المباشر!
بعض القراء اعتبر ما جاء فى مقالى نوعا من الابتزاز، على أساس أن التبرع فى صندوق تحيا مصر أو أن التبرع للبلد عموما ليس بالإجبار، وأتفق مع القراء الأعزاء فيما ذهبوا إليه، لكن أختلف معهم فى ما يتعلق بالابتزاز، فلم أقصد ذلك إطلاقا، ولكن قصدت أن البلد فى هذه المرحلة، مرحلة الفرز، لا يحتمل مزايدات من أحد، ولا يحتمل منًا ولا رياًء من أحد، كما لا يحتمل وجود الطابور الخامس والمتآمرين سواء من السياسيين أو من رجال الأعمال.
المشروع الوطنى الذى يتبناه الرئيس والحكومة، مشروع فارق، بمعنى أنه إما أن تؤيده لصالح البلد والأغلبية الفقيرة ولصالح نهضة شاملة فى جميع المجالات، وإما أن تضع العصا فى عجلة التنمية، وأن تسهم فى تحطيم الروح الوثابة وراء هذا المشروع، الذى يعنى باختصار إحياء البلاد من عدم.
لا يعنى المشروع الوطنى التنموى، أن يتخلى رجال المال والأعمال عن ثرواتهم، ولكنه يعنى أن يستثمروا فى البلد، يعنى أن يراهنوا على مستقبل الاقتصاد المصرى، يعنى أن يدفعوا الآن ليحصلوا فى الغد القريب على فرص ربح ضخمة من المشروعات التى تديرها الدولة وتشرف عليها الحكومة.
ولو سألت أى رجل أعمال شريف من أين حصل على ثروته فسيقول لك إنه كونها من خلال دولاب العمل الضخم للدولة المصرية ومشروعاتها، ولا يمكن لرجل أعمال محترم أن يعمل بعيدا عن عطاءات الدولة ومشروعاتها.
إجمالا أنا مع فتح جميع الدفاتر ومحاسبة جميع رجال الأعمال بالقانون، وإذا كان للدولة جنيه لدى أى رجل أعمال فلتسترده، وإذا كان رجال الأعمال شرفاء أنقياء يكسبون بالحلال ويسددون ما عليهم، فأهلا بهم وسهلا.