يبدو أن شرق القاهرة سيظل مقترنًا بإرادة الرجال العظماء، فقناة السويس عادت إلى مصر بإرادة جمال عبدالناصر، برغم المخاطر الجمة التى كان يتوقعها قبل اتخاذه قرار التأميم الجرىء، ومع ذلك اتكأ الزعيم الأشهر على قوة إرادته، وعلى إيمانه العميق بقدرة المصريين على صد أى عدوان، وهو ما كان بالفعل.
أما أمس الأول، الثلاثاء، 5 أغسطس، فقد تجلت الإرادة فى أبهى صورها حين أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى إشارة البدء فى حفر قناة السويس الثانية من أجل إقامة مشروع محور القناة، وكم كان المشهد بديعًا حين وقفت مجموعة من الشباب والأطفال بجانب الرئيس عند إطلاق إشارة البدء، للتأكيد على أن هذا المشروع مرصود لمستقبل أبنائنا.
وفقًا لما ذكره موقع «اليوم السابع»، فإن الوزير السابق حسب الله الكفراوى قدّم هذا المشروع للرئيس السادات فى نهاية سبعينيات القرن الماضى فلم يهتم، إذ كان مشغولًا بتدعيم سياسات «انفتاح السداح مداح»، وتعزيز علاقاته مع إسرائيل، ثم أعيد عرض المشروع على مبارك فلم يتحرك، إذ كان مهتمًا بكيفية توريث العرش لابنه، وتوفير الفرص للفاسدين لنهب خيرات البلاد، والآن ينطلق البدء فى المشروع – بعد تطويره بما يلائم حاجات العصر – على يد الرئيس الجديد لمصر.
بقراءة سريعة للتاريخ نكتشف بسهولة أن الأمم لا تنهض إلا إذا حظيت برجال يمتلكون إرادة جبارة.. هؤلاء الرجال هم الذين يشحنون شعوبهم بفيتامينات الجدية والدأب والمثابرة، فكل الدول الكبرى ما كان لها التقدم والعزة لولا مجموعة من القادة- حكامًا/ مفكرين/ عسكريين/ اقتصاديين – آمنوا بشعوبهم فتعززت إرادتهم، وقادوا بقلوب من حديد تلك الشعوب إلى طريق المجد.
فى مصر.. كنا محظوظين لأن بلدنا أنجب قادة عباقرة من أمثال مينا، وأحمس، وتحتمس الثالث، ورمسيس الثانى، وجمال عبدالناصر، وفى العالم ظهر قادة سياسيون وعسكريون يمتلكون إرادة الأنبياء، من أمثال نابليون، وبيسمارك، ولينين، وماو، وتشرشل، وديجول، وكما لاحظ المفكر الروسى «بليخانوف» أن دور الفرد فى تطوير حركة التاريخ لا يقل بالمرة عن دور التفاعلات السياسية والاقتصادية، وها هى عبقرية الإرادة تتجلى فى مصر المحروسة.