إذا كان أحمد عز قد دفع عشرات الملايين للحصول على البراءة فى التهم المنسوبة إليه، وكلها تهم خاصة بالاحتكار والفساد المالى، فإن الأمر المحير.. كيف نثبت تهم الفساد السياسى؟ وكيف نحكم عليها، فالسيد أحمد عز لم يكن مجرد تاجر حديد احتكر وطغى، بل كان المهندس الأول لسياسات الحزب الوطنى المنكوب، وهى سياسات مشبوهة أضرت بالبلاد والعباد!
لا ريب فى أن منظومة القوانين عندنا ينقصها بنود كثيرة خاصة بمسألة الفساد السياسى، ويبدو أن غياب تعريف محدد لمفهوم الفساد السياسى هو الذى يعرقل إصدار مثل هذه القوانين. ولا تنس أن بعض الذين يسنون القوانين اشتركوا فى سن قوانين مسيئة فى أزمنة السادات ومبارك ومرسى، الأمر الذى يجعلهم يحجمون دومًا عن مناقشة قضايا الفساد السياسى أو إصدار قوانين خاصة بهذا الفساد حتى لا يقعوا تحت طائلة هذه القوانين إذا حدثت ثورة أو تغير الحاكم الذى وضعوه فوق الشعب!
اللافت أن معظم رجال مبارك قد خرجوا من السجون بعد ثلاث سنوات من ثورة يناير المجيدة، والسبب واضح، وهو أن التهم التى وجهت إليهم لم تشمل تهمة الفساد السياسى، رغم أن هؤلاء «الرجال» عاثوا فى الأرض فسادًا، ودمروا الجهاز النفسى لشعب بأسره طوال ثلاثة عقود، وتركوا مصر العظيمة أسيرة التخلف والقبح والقذارة، وفى النهاية دفع كل واحد منهم حفنة ملايين من التى نهبوها لينالوا حرياتهم، لأن التهم الموجهة إليهم كانت كلها حول الفساد المالى وليس الفساد السياسى، حتى مبارك نفسه – كبيرهم الذى علمهم السحر – اقتصرت محاكمته على ما وقع فى ثورة يناير فقط، ونسينا 30 سنة كابوسية حكمنا فيها هذا الطاغية!
أظن أن الوقت قد حان لوضع تصور واضح ومحدد لمفهوم الفساد السياسى، حتى نسن القوانين التى نحاكم بها كل من تسول له نفسه إفساد الحياة السياسية، ذلك أن فساد الحياة السياسية يعنى خراب البلد تمامًا من كل النواحى لأن السياسة هى التى تقود بقية الأنشطة الأخرى (اقتصادية/ اجتماعية/ قضائية/ فكرية/ ثقافية).
من فضلكم.. حاكموا رجال مبارك بتهم الفساد السياسى!