يا اللى أنت بيتك قش مفروش بريش
تقوى عليه الريح يصبح مافيش
عجبى عليك حواليك مخالب كُبار
ومالكش غير منقار وقادر تعيش
عجبى!
من رباعيات العملاق الراحل صلاح جاهين نستخلص الحكم والعبر بأسلس الطرق وأبسطها، ومن تلك الرباعية تجسدت أمام عينىَّ حياة هؤلاء الذين يعيشون ويتعايشون مع واقع مرير بعيدًا كل البعد عن أدنى حدود الآدمية.
سكان العشوائيات ما زالوا حتى الآن يفتقدون كل ما وصلت إليه الحياة الحديثة من تطورات، فعجبًا لهذا التناقض الكبير الذى يغمر مصر ويفيض، حيث تجد كثيرًا من المناطق السكنية الفاخرة التى تتوافر بها كافة أساليب الحياة المرفهة ويسكنها عِلية المجتمع من الأثرياء، لا تبعد أكثر من أمتار معدودة عن مناطق أخرى على النقيض تمامًا، ففى مقابل أقصى درجات الرفاهية، أقصى درجات الإهانة الإنسانية!
نعم.. أعلم جيدًا أن الناس درجات ولكن ليست بهذه القسوة الشديدة ولا هذه الهوة الشاسعة، التى يراها ويعيشها هؤلاء المعدمين يوميًا، وفى أغلب الأحوال تستفز مشاعر الحقد والكراهية والنقمة على هذا المجتمع غير العادل!
استوقفتنى مرارًا و تكرارًا جملة ( تطوير العشوائيات) أو ( تنمية العشوائيات)! التى عادة ما كانت غريبة على أُذنىَّ ومستغربة على عقلى وبعيدة عن استيعابى!
شاهدت منذ أيام قليلة مؤتمرًا تحت إشراف وزيرة التضامن السيدة غادة والى تحت عنوان( مؤتمر انطلاق مشروعات تطوير وتنمية المناطق العشوائية فى القاهرة والجيزة )!!
أناشد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى والسيدة وزيرة التضامن وكل المسئولين عن هذه المشروعات بإعادة النظر فى الموقف التقليدى الخاطئ الذى نسمع عنه منذ سنوات ولا جدوى منه على الإطلاق ويبدو من عنوانه أنه جواب غير موفق.
سيادة الرئيس.. السادة المسئولون.. عِلية المجتمع المصرى من رجال الأعمال و الأثرياء:
أولاً وقبل أن نخوض فى كيفية حل تلك الأزمة، لابد من استبعاد وتغيير عنوان الخطة التى لا تدخل حيز التنفيذ أبدًا وهى ( تطوير العشوائيات ) !
ما معنى تطوير العشوائيات؟ أى أن خطة الجهة المعنية هى الإبقاء على هذه القنابل الموقوتة التى ربما تكون سببًا فى تدمير كل ما هو فى محيطها، وإدخال القليل أو حتى الكثير من التطورات عليها لتحسين أحوالها بعض الشىء!!
وما أشبه ذلك بالعملية الجراحية الفاشلة التى لا تستأصل الجزء المريض وتقتلعه من جذوره حتى لا ينمو ويعاود نشاطه المدمر لبقية أعضاء الجسد من جديد وبشراسة أكبر!
ثانياً لابد من وضع خطة جريئة تتناسب والنقلة الحضارية والإصلاحية التى نحلم بها لمصر بعد الخلاص من العقم السابق والقضاء على الأنظمة الفاسدة التى ظلت عقودًا طويلة تكرس لاستقرار واستمرار مصالحها وتضخم ثرواتها على حساب المزيد من الدمار واتساع الهوة بين الطبقات وفرم ما يسمى بالطبقة الوسطى فيما مضى!
أى لا بديل عن تفوير وهدم كل هذه المناطق وتطهيرها من بؤر الفساد والجريمة، ثم إعادة بنائها من جديد وفقًا لخطة قصيرة المدى، مع أولوية توفير البدائل المقبولة لسكانها لحين الانتهاء من عمليتى الهدم ثم البناء السريع.
وبهذا الحل والتصرف نكون قد كسرنا قيود قلة الحيلة المعتادة والنظرة الضيقة التى لا تتجاوز الأقدام، وانطلقنا بخطى واثقة إلى ما تأخرنا عنه كثيرًا وسبقنا إليه سريعًا من هم أقل منا.